Overblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

Présentation

  • : Le blog de groupeprofs
  • : من أجل تواصل فعال وايجابي لاجل مدرسة الغد الافضل
  • Contact

Recherche

Archives

Liens

30 décembre 2011 5 30 /12 /décembre /2011 22:52

mettez un casque,concentrez vous!: bonne ecoute

 

 

Partager cet article
Repost0
26 décembre 2011 1 26 /12 /décembre /2011 19:05
Partager cet article
Repost0
25 décembre 2011 7 25 /12 /décembre /2011 09:37

 

تعريف علم النفس

 

 

عن موقع ويكبيديا

علم النفس (باليونانية القديمة: Ψυχολογία يعني "دراسة العقل والكلمة مشتقة من ψυχήpsykhē وتعني "النفس والروح" و-λογία-logia تعني "دراسة"[1]) هو منهج أكاديمي وتطبيقي يشمل الدراسة العلمية لوظائف العقل البشري وسلوك الإنسان. إلى جانب استخدام الأسلوب العلمي أو معارضة استخدامه من حين لآخر، يعتمد علم النفس أيضًا على أعمال التفسير الرمزي والتحليل النقدي، ذلك على الرغم من أن هذين الأسلوبين لم يتم استخدامهما بالقدر نفسه في العلوم الاجتماعية، مثل علم الاجتماع. يدرس علماء النفس العديد من الظواهر، مثل الإدراك والمعرفة والانفعال والشخصية والسلوك والعلاقات الشخصية المتبادلة. في حين يدرس البعض الآخر من علماء النفس، وخاصةً علماء نفس الأعماق، العقل الباطن. يتم تطبيق المعرفة النفسية في العديد من المجالات المختلفة للأنشطة الإنسانية، بما في ذلك المشاكل المرتبطة بأمور الحياة اليومية، مثل الأسرة والتعليم والتوظيف، وفي كيفية حل مشكلات الصحة النفسية. حاول علماء النفس دراسة الدور الذي تلعبه الوظائف العقلية في كل من سلوك الفرد والمجتمع، وفي الوقت نفسه استكشاف العمليات الفسيولوجية والعصبية الخفية. يشمل علم النفس العديد من الدراسات والتطبيقات الفرعية المتعلقة بنواحي عدة بالحياة، مثل التنمية البشرية والرياضة والصحة والصناعة والإعلام والقانون. كما يشمل علم النفس الأبحاث التي يتم إجراؤها في مختلف مجالات العلوم، مثل العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية والإنسانية. ويعرف الشخص الدارس لعلم النفس أو المستخدم له

باسم عالم نفسي

 

 

 

 

 

تمثال المفكر لـ "أوجست رودان"
[ع] الجذور الفلسفية والعلمية لعلم النفس

ترجع دراسة علم النفس في سياق فلسفي إلى الحضارات اليونانية والصينية والهندية القديمة. وقد بدأ علم النفس في اتخاذ أشكال علاجية [2] وتجريبية أكثر من ذي قبل في عصر علماء النفس المسلمين وعلماء الطبيعة الذي ظهروا في القرون الوسطى وقاموا ببناء مستشفيات للعلاج النفسي.[2] وفي عام 1802، ساعد العالم النفسي الفرنسي "بيير كابينس" في استكشاف علم النفس البيولوجي بالمقال الذي كتبه باسم Rapports du physique et du moral de l’homme والذي يتناول فيه العلاقات التي تربط بين الجانبين المادي والمعنوي بالإنسان. لقد اعتمد "كابينس" في وصفه للعقل البشري على ما تحصل عليه من معلومات من دراساته السابقة لعلم الأحياء وحاول إثبات أن الإحساس والروح من الخواص المرتبطة بالجهاز العصبي. وعلى الرغم من أن تاريخ التجارب النفسية يرجع إلى الفترة التي ظهر بها كتاب المناظر للعالم المسلم "يسري احمدابراهيم غابه" في عام 2003، [3].[3][4] فقد ظهر علم النفس كمجال تجريبي مستقل بذاته عام 1879. حدث ذلك عندما قام عالم النفس الألماني "ويليام فونت" بإنشاء أول معمل متخصص في الأبحاث النفسية في جامعة "ليبزج" الألمانية، الأمر الذي جعله يعرف باسم "أبو علم النفس".[5] ويعتبر عام 1879 بذلك هو عام ولادة علم النفس وظهوره للنور. وقد أصدر الفيلسوف الأمريكي "وليم جيمس" كتابه الذي يعتبر نواة تطور هذا العلم ويحمل اسم Principles of Psychology عام 1890 [6] وقد وضع بهذا الكتاب أسس العديد من الأسئلة التي سيركز علماء النفس على إيجاد إجابات عنها في السنوات التالية لصدور الكتاب. ومن الشخصيات المهمة الأخرى التي كانت لها إسهامات في المرحلة الأولى لهذا العلم "هيرمن إبنجهاوس" (1850-1909) وهو من رواد مجال الدراسات التجريبية المتعلقة بذاكرة الإنسان والتي أجريت في جامعة برلين. هذا إلى جانب عالم النفس الروسي "إيفان بافلوف" (1849-1936) الذي بحث عملية التعلم التي يشار إليها الآن باسم نظرية الارتباط الشرطي الكلاسيكية.

 

 

 

 مزيد من التفاصيل يرجى الضغط على خط هذا الموقع:

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%84%D9%85_%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3.

Partager cet article
Repost0
25 décembre 2011 7 25 /12 /décembre /2011 09:23

 

 عن موقع ويكيبديا

 

في العالم الداخلي في العالم الخارجي الصحة النفسية

الإحساس بالسعادة النفسية والكفاية

  • وجود هدف ومعنى للحياة وقدرة على تحقيق الذات وصورة جيدة للذات.قدرة على توظيف الإمكانيات الفردية لتحقيق النفس.
  • عدم وجود صراعات لاشعورية وقلق أو خلل في توازن الجهاز النفسي بين الهو والانا والانا الأعلى
  • وتقبل النفس ورضاها مع وجود إحساس متميز بالهوية والذاتية.
  • القدرة علي النمو والتطور بالشخصية، والقدرة علي تعديل الأخطاء وجوانب القصور النفسي والعقلي والاجتماعي.
  • قدرة عالية للتصرف باتساق في مختلف المواقف دون تصلب..
  • القدرة على التعبير عن المشاعر.
  • التوازن الانفعال الذي يلائم المواقف وضبط الانفعالات السلبية الهدامة كالقلق، والعدوان والاكتئاب والمخاوف التي لا معنى لها.
  • وهناك أخيرا قدرة الشخص على أن يتبنى لنفسه فلسفة عامة في الحياة تسمح له بأن يتصرف بكفاءة ونجاح يتنإسبان مع إمكانياته، وأن يوظف تفكيره لتحقيق التوافق بجوانبه الثلاثة السابقة: الاجتماعية، والسلوكية، والنفسية.
  • العمل بإنتاجية وإثمار ومساهمة للمجتمع الذي يعيش بة الفرد
  • مقاومة الضغوط، والقدرة علي معالجة نتائجها السلبية دون مساس بتكامل الشخصية.
  • الوعي بالذات، الإدراك الجيد غير المشوه للواقع، بما في ذلك الوعي الواقعي بالإمكانات الشخصية والقدرات الذاتية، والإحساس بمشاعر الآخرين ودوافعهم، وحاجاتهم.
  • القدرة علي التصرف بصورة مستقلة، واتخاذ القرارات الشخصية الهامة بقدر ملائم من الاستقلال والاكتفاء الذاتي
  • قدرة عالية علي ضبط البيئة الخاصة بالفرد، والسيطرة عليها بشكل يسمح له ويمكنه من حل المشكلات التي يواجهها.
  • أداء أعماله وواجباته بشكل ملائم.
  • المقدرة علي التوافق للعمل والمهنة، أو بتعبير آخر يتصف بالفاعلية في أداء الدور، أو الأدوار الاجتماعية المتوقعة منه.
  • القدرة علي الدخول في علاقات اجتماعية دافئة وإيجابية تكون مقبولة من الشخص نفسه ومن الآخرين.
  • الاستبصار بالذات أو بمشكلات الشخصية بما فيها من نقاط ضعف أو قوة
السلوك السليم وصفات الصحة النفسية

الصحة النفسية حالة من السواء النفسي في العقل والوجدان والحركة وهي ثلاث أقطاب تحدث بها المرض النفسي والتوافق مع العالم الداخلي ومع العالم الخارجي، وهناك قائمة من الصفات التي تستتبعها عملية الصحة النفسية أو السلوك السليم

 

ــــــــــــــــــــــــــــ

وليس القصد من وضع هذه الصفات أن نستعرض قائمة مفصلة لما نعتبره سلوكا ناضجا أو سليما. ونحن لا نذهب إلى أن هذه الصفات تمثل كل ما يعتبر سليما، وإنما ركزنا على أهمها، وعلى العناصر البارزة في السلوك السوي كما قد يتفق عليها المعالجون النفسيون بمدارسهم المختلفة. ونحن نؤمن عن يقين بأن أي معالج نفسي مهما اختلفت النظرية التي يتبناها سيجد في هذه القائمة صفة أو أكثر يطمح أن يراها تتطور في مريضه، ويعتبرها مقياسا لنجاحه في علاج مرضاه، ومقياسا لتحقيق الصحة النفسية:

     

 

عن موقع شبكة الطب النفسي: ـ

http://www.altebalnafsi.net/new_page_9.htm

 

 

( الصحة النفسية )

 

يؤخذ علم الصحة النفسية والعلاج النفسي من علم النفس الاجتماعي ويعطيه الكثير فدراسة اسباب الامراض النفسية توضح الدور الذي تلعبه الاسباب الاجتماعية ودراسة اعراض الامراض النفسية تظهر خطورة الاعراض الاجتماعية ويعتمد التشخيص هنا على دراسة الجوانب الاجتماعية والسلوك الاجتماعي للمريض ، وتتفاوت اسباب الامراض النفسية فمنها وراثية واضطرابات حيويه واسباب نفسية منها الاحباط والعادات الغير سليمه واسباب اجتماعيه منها البيئة السيئه او الفقيرة واضطرابات العلاقات الاسرية وسوء التوافق الاسري وعدم توفر الحاجات الاساسية والتربية والتنشئة الاجتماعية الخاطئة وتتفاوت هذه الاعراض والامراض النفسية ، فمنها الامراض الجسمية والفسيولوجية فمنها الاضطرابات الحسية ، واضطرابات الادراك ، والاضطرابات السلوكية الحركية ، وامراض الجهاز العصبي ، والاصابة بالالتهابات والامراض المختلفة ، واعراض عقلية منها اضطراب التفكير والذاكرة والترابط واضطراب الارادة العقلية ، واعراض انفعالية منها اضطراب العاطفة والقلق والاكتئاب والهياج ونوبات الذعر والخوف والغضب الشديد وعدم الثبات والعدوانية والانسحاب ، كما اننا نشير هنا بان من اهم الاعراض الاجتماعية ، المخدرات ان تعاطي المخدرات والادمان عليها عادة سيئة وتجلب الكوارث على الفرد والمجتمع ، الانحرافات الجنسية وهذه حالة مرضية اجتماعية اخرى وتشمل السعي للفرد على الاشباع الجنسي بطرق غير شرعية والتردد على الاماكن التي تقدم الخدمات الجنسية ، العلاقات الاسرية السيئة ان الاسرة هي مركز العلاقات الاولي ونقطة انطلاق الفرد فاذا كان هناك خلل داخل الاسرة مثل سوء التواصل او مشاكل الوالدين المتكررة والتفاوت بين الابناء وعدم التوافق والتمايز بين فرد وآخر داخل الاسرة يأتي بنتائج عكسية على الفرد خارج النطاق الاسري ممتدا الى المجتمع .

اما بالنسبة للامراض النفسية فهي كثيرة ومتنوعة منها القلق ، الاكتئاب ، التوتر ، الخوف الشديد ، النسيان ، الارق ، قلة النوم ، الذهول ، الهذيان ، عيوب طلاقة اللسان ، كثرة النوم ، المشي اثناء النوم ، الكلام اثناء النوم ، التبول الا ارادي ، الهلوسة ، واعراض هذه الامراض كثيرة نذكر منها عدم النضج وسوء التوافق الاجتماعي وعدم القدرة على تحمل مطالب المجتمع ، اضطراب العلاقات الاجتماعية وعدم التمكن من اقامة علاقات اجتماعية وانسانية ، الشعور بالرفض والحرمان ونقص الحب وعدم الاحترام وعدم فهم الاخرين ، عدم الارتياح بخصوص الاسرة ، وسوء سلوك الوالدين واخطاء في التنشئة ، وجود مفهوم سلبي للذات ، عدم الاستقرار الاسري وفشل الزواج والعزوبة والبطالة ، ونشير هنا الى ان النقطة الاهم والرئيسية لوجود هذه الامراض النفسية جميعا تتجسد بالبعد عن الدين وعدم الالتزام بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله الكريم ، واتباع الشهوات وفعل المعاصي والمنكرات وهذا ما يدفعنا للقول بان هذه الامراض اصولها روحانية .

الاخوة القراء نسأل الله لنا ولكم الصحة والسلامة ، ونبين لكم هنا ان الادوية الكيماوية والعقاقير المخدرة والمهدئة التي توصف كعلاج لهذه الحالات سبب من اهم الاسباب التي تؤدي الى مفاقمة الازمة النفسية وملازمتها للمريض الى اجل غير مسمى ، وننصح جميع الاخوة المرضى المصابين بهذه الامراض ان يلجئوا للطب الروحاني كعلاج نافع وناجع بأذن الله تعالى .

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

Partager cet article
Repost0
12 décembre 2011 1 12 /12 /décembre /2011 03:05

mass5.jpgmass3.jpgmass4.jpgmass2-copie-1.jpg

 

 

Partager cet article
Repost0
27 octobre 2011 4 27 /10 /octobre /2011 14:28

 

في الغنوصية

 يقع مفهوم "الغنوص" أو "العرفان" في بؤرة عقائد وممارسات الغنوصيين. و"الغنوص" كلمة يونانية تدل على المعرفة بشكل عام "Gnosis"، ولها أشباه في عدد من اللغات الهندو-أوروبية مشتقة ن الجذر نفسه، مثل الكلمة السنسكريتية "جنانا- Jnana" والكلمة الانكليزية Know بمعنى يعرف، و"Knowledge" بمعنى معرفة. ولكن المعرفة التي يسعى إليها الغنوصي ليست مما يمكن اكتسابه بإعمال العقل المنطقي وقراءة الكتب وإجراء التجارب والاختبارات، وإنما هي فعالية روحية داخلية تقود إلى اكتشاف الشرط الإنساني، وإلى معرفة النفس، ومعرفة الله الحي ذوقاً وكشفاً وإلهاماً. هذه المعرفة هي الكفيلة بتحرير الروح الحبيسة في إطار الجسد المادي والعالم المادي الأوسع لتعود إلى العالم النوراني الذي صدرت عنه بعد دورات لا حصر لها من تناسخ الروح في الأجساد. فالروح الإنسانية هي قبس من روح الله، وشرارة من نور الأعالي وقعت في ظلمة المادة، ونسيت أصلها ومصدرها. والإنسان في هذه الحياة أشبه بالجاهل أو الغافل أو النائم أو السكران. ولكن في أعماق ذاته هناك دوماً دعوة إلى الصحو عليه أن ينصت لها، ويشرع في رحلة المعرفة التي تحوله من نفس حيوانية أسيرة لرغبات وشهوات الجسد إلى نفس عارفة أدركت روابطها الإلهية وتهيأت للانعتاق الذي يعود بها إلى ديارها. وعلى الرغم من أن هذه الدعوة إلى الصحو موجودة بشكل خافت لدى النفوس الغافلة.

....... عن موقع الاوان 

Partager cet article
Repost0
13 octobre 2011 4 13 /10 /octobre /2011 09:01

 


أهم الوثائق المفصلية في تاريخ فلسطين

العهدة العمرية.. أعظم العهود 638مالعهدة العمريةكتب الخليفة عمر بن الخطاب لأهل إيلياء (القدس) عندما فتحها المسلمون عام 638هـ كتابا أمنهم فيه على كنائسهم وممتلكاتهم، واشترط ألا يسكن أحد من اليهود معهم في المدينة. وقد اعتبرت العهدة العمرية واحدة من أهم الوثائق في تاريخ القدس وفلسطين. وفيما يلي نص العهدة.
"بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أعطى عبد الله، عمر، أمير المؤمنين، أهل إيلياء من الأمان.. أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقمها وبريئها وسائر ملتها.. أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود.
وعلى أهل إيلياء أن يُعطوا الجزية كما يُعطي أهل المدائن. وعليهم أن يُخرِجوا منها الروم واللصوص. فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا أمنهم. ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بِيَعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بِيَعهم وصلبهم حتى يبلغوا أمنهم. فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن شاء سار مع الروم. ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم.
وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين، إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية.
كتب وحضر سنة خمس عشرة هجرية.
شهد على ذلك: خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف وعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان."
-------.jpeg
Partager cet article
Repost0
13 octobre 2011 4 13 /10 /octobre /2011 08:54
معاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود

 

 

قال ابن إسحاق: وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين والأنصار وادع فيه يهود وعاهدهم وأقرهم على دينهم وأموالهم وشرط عليهم واشترط لهم:

بسم الله الرحمن الرحيم

«هذا كتاب من محمد النبي صلى الله عليه وسلم بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس، المهاجرون من قريش على رِبعتهم يتعاقلون بينهم وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكلّ طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو الحارث على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو جشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو النبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وأن المؤمنين لا يتركون مفرجا بينهم، أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل ولا يخالف مؤمن مولى مؤمن من دونه، وأن المؤمنين المتقين على من بغى منهم أو ابتغى دسيعة ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين وأن أيديهم عليه جميعا ولو كان ولد أحدهم ولا يقتل مؤمن في كافر ولا ينصر كافر على مؤمن، وأن ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم وأن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير المظلومين ولا متناصرين عليهم وأن سلم المؤمنين واحدة لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم وأن كل غازية غزت معنا تعقب بعضها بعضا وأن المؤمنين يبيء بعضهم على بعض بما نال دماءهم في سبيل الله، وأن المؤمنين المتقين على أحسن هدى وأقومه وأنه لا يجير مشرك مالا لقريش ولا نفسا ولا يحول دونه على مؤمن وأنه من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود به إلا أن يرضى ولي المقتول، وأن المؤمنين عليه كافة ولا يحل لهم إلا قيام عليه وأنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة وآمن بالله واليوم الآخر أن ينصر محدثا ولا يؤويه وأنه من نصره أو آواه فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل، وأنكم مهما اختلقتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد صلى الله عليه وسلم وأن اليهود يتفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته وأن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف وأن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف وأن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف وأن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف وأن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف وأن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته وأن جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم وأن لبني الشطنة مثل ما ليهود بني عوف وأن البر دون الإثم وأن موالي ثعلبة كأنفسهم وأن بطانة يهود كأنفسهم وأنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد صلى الله عليه وسلم وأنه لا ينحجز على ثار جرح وأنه من فتك فبنفسه فتك وأهل بيته إلا من ظلم وأن الله على أبر هذا. وأن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم وأنه لم يأثم امرؤ بحليفه وأن النصر للمظلوم وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وأن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة وأن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم وأنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره وأنه لا تجار قريش ولا من نصرها وأن بينهم النصر على من دهم يثرب وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه وأنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم وأن ليهود الأوس مواليهم وأنفسهم مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر الحسن من أهل هذه الصحيفة وأن البر دون الإثم لا يكسب كاسب إلا على نفسه وأن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره، وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم، وأنه من خرج وآمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم وأثم وأن الله جار لمن بر واتقى ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

معاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود

 

 

 


يمكننا أن نستخلص من هذه الوثيقة المبادئ الآتية :
1 ـ  إنّ أيدي المؤمنين جميعاً ومَن عاهدهم من اليهود على مَن بغى وظلم وأفسد ، ولو كان ابن أحدهم .
2 ـ  إنّ اليهود الذين أقروا هذه الصحيفة أمّة مع المؤمنين .
3 ـ  لليهود دينهم ، وللمسلمين دينهم .
4 ـ  إن أهل هذه الصحيفة من المسلمين واليهود بينهم النصر على مَن حاربهم ، وعلى مَن دهم يثرب (هاجمها) فهم ملزمون بالدفاع عن المدينة ، وردّ الاعتداء عنها . .
5 ـ  إنّ النصر للمظلوم .
6 ـ  على أطراف الصحيفة توقيع الصلح مجتمعين ممن يطلب منهم الصلح .
7 ـ  إن يثرب حرام جوفها على أهل هذه الصحيفة . . أي يحرم على الجميع أن يرتكب ما يخل بالأمن والسلام ، أو يرتكب الظلم والبغي والإثم والعدوان ، فهي مدينة أمن وعدل وسلام .
8 ـ  وانّه مَن خرج آمن ، ومَن قعد آمن في المدينة . . فالأمن حق للجميع .
9 ـ  إنّ الله ورسوله نصيران وحاميان لمن يفي بنصوص هذه الصحيفة ، وإنّ الله سبحانه والرسول (ص) جار لمن ينفذ ذلك . . يعني انّ الدولة والأمّة والأفراد مسؤولون عن تنفيذ هذه المبادئ والعمل بها . .
والدراسة التحليلية لهذه الصحيفة لا تكشف عن الاعتراف بالديانات الإلهية ، والتعايش مع معتنقيها بأمن وسلام وتعاون فحسب ، بل وتعطينا نظرية في حقوق المواطنة ، وأن هذه الحقوق هي للمسلمين وغيرهم ، ما زالوا ملتزمين بالروح التي حوتها هذه الصحيفة . .

 

 

Partager cet article
Repost0
12 octobre 2011 3 12 /10 /octobre /2011 07:13

ورد ذكر القصة في سورة البقرة - الآية258
قال الله تعالى:
 {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.

القصة:
مناظرة إبراهيم الخليل مع من أراد أن ينازع الله العظيم الجليل في العظمة ورداء الكبرياء فادعى الربوبية، وهوَ أحدُ العبيد الضعفاء

يذكر تعالى مناظرة خليله مع هذا الملك الجبار المتمرد الذي ادعى لنفسه الربوبية، فأبطل الخليل عليه دليله، وبين كثرة جهله، وقلة عقله، وألجمه الحجة، وأوضح له طريق المحجة.

قال المفسرون وغيرهم من علماء النسب والأخبار، وهذا الملك هو ملك بابل، واسمه النمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح قال مجاهد. وقال غيره: نمرود بن فالح بن عابر بن صالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح.

قال مجاهد وغيره: وكان أحد ملوك الدنيا، فإنه قد ملك الدنيا فيما ذكروا أربعة: مؤمنان وكافران. فالمؤمنان: ذو القرنين وسليمان. والكافران: النمرود وبختنصّر.

وذكروا أن نمرود هذا استمر في ملكه أربعمائة سنة، وكان طغا وبغا، وتجبر وعتا، وآثر الحياة الدنيا.

ولما دعاه إبراهيم الخليل إلى عبادة الله وحده لا شريك له حمله الجهل والضلال وطول الآمال على إنكار الصانع، فحاجّ إبراهيم الخليل في ذلك وادعى لنفسه الربوبية. فلما قال الخليل: (ربي الذي يحي ويميت قال: أنا أحي وأميت).

قال قتادة والسُّدِّي ومُحَمْد بن إسحاق: يعني أنه إذا آتى بالرجلين قد تحتم قتلهما، فإذا أمر بقتل أحدهما، وعفا عن الآخر، فكأنه قد أحيا هذا وأمات الآخر.

وهذا ليس بمعارضة للخليل، بل هو كلام خارجي عن مقام المناظرة، ليس بمنع ولا بمعارضة، بل هو تشغيب محض، وهو انقطاع في الحقيقة، فإن الخليل استدل على وجود الصانع بحدوث هذه المشاهدات من إحياء الحيوانات وموتها، (هذا دليل) على وجود فاعل. (و) ذلك، الذي لا بد من استنادها إلى وجوده ضرورة عدم قيامها بنفسها، ولا بد من فاعل لهذه الحوادث المشاهدة من خلقها وتسخيرها وتسيير هذه الكواكب والرياح والسحاب والمطر وخلق هذه الحيوانات التي توجد مشاهدة، ثم إماتتها ولهذا قَالَ إِبْرَاهِيمُ: {رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ}.

فقول هذا الملك الجاهل (أنا أحيي وأميت) إن عنى أنه الفاعل لهذه المشاهدات فقد كابر وعاند، وإن عنى ما ذكره قتادة والسُّدِّي ومُحَمْد بن إسحاق فلم يقل شيئاً يتعلق بكلام الخليل إذ لم يمنع مقدمة ولا عارض الدليل.

ولما كان انقطاع مناظرة هذا الملك قد تخفى على كثير من الناس ممن حضره وغيرهم، ذكر دليلاً آخر بين وجود الصانع وبطلان ما ادّعاه النمرود وانقطاعه جهرة: قَال: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ} أي هذه الشمس مسخرة كل يوم تطلع من المشرق كما سخرها خالقها ومسيرها وقاهرها. وهو الذي لا إله إلا هو خالق كل شيء. فإن كنت كما زعمت من أنك الذي تحي وتميت فأت بهذه الشمس من المغرب فإنّ الذي يحي ويميت هو الذي يفعل ما يشاء ولا يمانع ولا يغالب بل قد قهر كل شيء، ودان له كل شيء، فإن كنت كما تزعم فافعل هذا، فإن لم تفعله فلست كما زعمت، وأنت تعلم وكل أحد، أنك لا تقدر على شيء من هذا بل أنت أعجز وأقل من أن تخلق بعوضة أو تنتصر منها.

فبين ضلاله وجهله وكذبه فيما ادعاه، وبطلان ما سلكه وتبجح به عند جهلة قومه، ولم يبق له كلام يجيب الخليل به بل انقطع وسكت. ولهذا قال: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.

وقد ذكر السُّدِّي: أن هذه المناظرة كانت بين إبراهيم وبين النمرود، يوم خرج من النار، ولم يكن اجتمع به يومئذ، فكانت بينهما هذه المناظرة.

وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم: أن النمرود كان عنده طعام، وكان الناس يفدون إليه للميرة، فوفد إبراهيم في جملة من وفد للميرة ولم يكن اجتمع به إلا يومئذ، فكان بينهما هذه المناظرة، ولم يعط إبراهيم من الطعام كما أعطى الناس، بل خرج وليس معه شيء من الطعام.

فلما قرب من أهله عمد إلى كثيب من التراب فملأ منه عدليه وقال: اشغل أهلي إذا قدمت عليهم، فلما قدم: وضع رحاله وجاء فاتكأ فنام، فقامت امرأته سارة إلى العدلين فوجدتهما ملآنين طعاماً طيباً، فعملت منه طعاماً. فلما استيقظ إبراهيم وجد الذي قد أصلحوه؛ فقال: أنى لكم هذا؟ قالت: من الذي جئت به. فعرف أنه رِزْقٌ رَزقَهُموه الله عز وجل.

قال زيد بن أسلم: وبعث الله إلى ذلك الملك الجبّار ملكاً يأمره بالإيمان بالله فأبى عليه. ثم دعاه الثانية فأبى عليه. ثم دعاه الثالثة فأبى عليه. وقال: اجمع جموعك وأجمع جموعي.

فجمع النمرود جيشه وجنوده، وقت طلوع الشمس فأرسل الله عليه ذباباً من البعوض، بحيث لم يروا عين الشمس وسلّطها الله عليهم، فأكلت لحومهم ودمائهم وتركتهم عظاماً باديةً، ودخلت واحدةٌ منها في منْخَر الملكِ فمكثت في منخره أربعمائة سنة، عذبه الله تعالى بها فكان يُضْرَبُ رأسُه بالمرِازب في هذه المدة كلها حتى أهلكه الله عز وجل بها.‏

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لملك النمرود :

(النمرود : على عهد النبي ابراهيم عليه السلام ) هو ملك بابل، واسمه :

النمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح قال مجاهد. وقال غيره: نمرود بن فالح بن عابر بن صالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح

 

 


النمرود ملك جبار متكبر كافر بالنعمة مدعي الربوبية و العياذ بالله كان يحكم العالم من مملكته في بابل في العراق هو الذي جادل إبراهيم - خليل الرحمن - في ربه و قد كان سمع عن أن إبراهيم يدعو إلى الله -

عز و جل -في بابل فأمر باستدعائه و دار بينهم الحوار التالي : -

النمرود ( من ربك ؟)

إبراهيم : ( ربي هو الذي خلق كل شيء و هو الذي يحيي و يميت)

النمرود : ( أنا أحيي و أميت )..................و أمر النمرود برجلين حكم عليهما بالموت فأطلق الأول و قتل الثاني

فغير إبراهيم - عليه السلام - حجته و ذلك من فطنته

فقال إبراهيم :  ( فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتي بها من المغرب)

فأحس النمرود بالعجز و اندهش من ذلك ولقد كان لهذا الكافر المدعى الالوهية زوجة وكانت تخونه مع وزيره ( هارباك)ولم يكتشف هذه الخيانة الا نحات الاصنام (اوبيس) غريم ازار فى بلاط النمرود

ولكن كان يخشى وزيره هذا المدعو هارباك فانتهز فرصة الاختلاف بينه وبين سيدنا ابراهيم واخذه الى اعلى قصوره ليريه مدى قوته وهو يقتل رب ابراهيمثم امر بالقاءه من على سطح القصر عقابا له على

خيانته مع زوجتهثم اطلق سهما باتجاه السماء ظنا منه انه بذلك سيقتل رب ابراهيمفأرسل له رب العزة ناموسه دخلت فى انفه واستقرت فى اعلى راسه مطلقة ازيزاها الذى لم يكن يصمت الا لو ضرب

النمرود على راسه بالنعال من خدمه ..بناء على اوامره وكان يتخير من خدمه اقواهم ليضربه بالنعال على راسه حتى اهلكه الله شر هلك فهذا الذى كان يدعى انه الهيصرع باوامره على يد خدمه وبالنعال

ٍ
(( إضاءة على الصرح الذي بناه "النمرود بن كنعان"

للصعود للسماء))


بعد ان إنهزم ملك بابل "النمرود بن كنعان" ، لعنه

الله ، أمام نبي الله إبراهيم


{{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ

الْمُلْكَ

إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ

قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ

فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }}


البقرة 258

ثم وبعد ان إنهزم هذا الطاغية مرّة ثانية أمام كافة

اهل مملكته وذلك بنجاة فزاد في عتوّه وتمردّه .. وزادته تلك الحجج تماديًا وكفرا ..



ولكي يستر هزائمه وضعف حجته امام الناس إحتال في الصعود للسماء ،، وقام ببنيان

ذلك البناء المشهور [الصرح] ،، وحلف بأنه ليطلبنّ إله إبراهيم‏.‏


قال السدّي :

أخذ " النمرود " أربعة أفرخ من فراخ النسور

فربّاهنّ باللحم والخمر حتى إذا كبرن وغلظن وإستعلجن قرنهنّ بتابوت وقعد في ذلك

التابوت ثم رفع لهنَّ رجلا (أي فخذا) من لحم ليتبعاه ، ( أي انه إحتال على تلك النسور

الضخمة الشرسة والجائعة بذلك الفخذ من اللحم موهما إيّاها بأنه يقدّمه لها فطرن به

،، حتى إذا ذهبن في السماء (وارتفعنا كثيرا) ،،


فأشرف ينظر إلى الأرض فرأى الأرض تحته كأنها فلكة في

ماء ،،،

فألقى فخذ اللحم من يده رعبا فإتبعته النسور منقضّات (نحو الأسفل) لتلتقطه ( وبهذا

عاد الى الأرض ،،، وعاد الى حجمه الطبيعي ،،، وانتهت حيلته بربوبيته الموهومة

والمكذوبة ) ..


فبناه ... ثم ارتقى ينظر فسقط الصرح ،، وتبلبلت ألسن الناس يومئذ من الفزع‏ .

قال العلاّمة ابن الجوزي رحمه الله : بعث اللّه إلى " النمرود " ملكًا أن آمن بي وأتركك

على ملكك ‏.‏.


فقال‏ النمرود للملك :‏ (( فهل ربّ غيري ))‏ ؟؟؟

فأبى النمرود عليه ..

فأبى عليه ..

فجمع جموعه ..


قال : فأمر اللّه الملك ففتح عليه بابًا من البعوض ، وطلعت الشمس فلم يروها من

كثرتها ، فبعثها الله عليهم فأكلت لحومهم وشربت دماءهم ،، فلم يبق إلا العظام،، و"

النمرود" كما هو ، لم يصبه من ذلك شيء ..


فبعث اللهّ عليه [بعوضة] فدخلت في منخره فمكث أربعمائة سنة يضرب رأسه

بالمطارق ،،، وأرحم الناس به من جمع يديه ثم ضرب بهما رأسه .. ثم أماته اللّه‏ بعد

ان ملّكه أربعمائة عام وعذّبه مثلها ايضا.



جمع المعلومات :امامي حسن
Partager cet article
Repost0
6 octobre 2011 4 06 /10 /octobre /2011 09:03
المنطق و العلم

المنطق و العلم

ا
بقلم: معاذ قنبر  
  

arton10477-55b6f.jpg

 

في العلم كما في كل مجالات المعارف الأخرى لا بد للفكر من اتباع منهجية تنظم البحث و تتيح للتفكير التوصل للحقائق، تلك المنهجية هي ما يميز أي فكر علمي في أي مجال عن الفكر اللاعلمي و بتلك المنهجية يمكننا وضع الحد الفاصل بين العلم و الخرافة ، و بتلك المنهجية يمكننا الفصل بين الإبداع و الهلاوس .

من ذلك المنطلق ندرك أهمية الفكر الممنهج في تطور العلم و من ذلك المنطلق المنهجي يمكن للعلم قلب التصورات المألوفة في ثوراته المتلاحقة التي و إن بدت أنها تتجاوز بعض قيود المنطق البشري إلا أنها في النهاية لا يمكن أن تخرج عن الإطار المنهجي للفكر و من هذا المنطلق بالذات نميزها عن الخرافات

.

 

لذلك فإن للمنطق الرياضي و علم دلالة اللغة و طرائق العلوم دوراً لا يمكن نكرانه في تدقيق و إيضاح أسس النظريات العلمية بشكل عام، و من هذا المنطلق فإن كل فيزيائي مثلاً يدعي أنه مهتم بالمشكلات المتصلة بأسس الفيزياء و يرفض مثل هذا الدور برفضه النظر إلى الفلسفة الصحيحة، يحكم على نفسه بأن يجهل طوال حياته بعض المشكلات المتصلة بأسس النظريات حيث يرتكب عدد من الأخطاء التي كان بالإمكان تجنبها بسهولة بالقليل من الفلسفة كتلك الأحكام الخاطئة الناتجة عن نقص المعارف الفلسفية و المنطقية عموماً كالقول بأن الكتلة و الطاقة متماثلان بحجة أن هناك علاقة بين هذين المفهومين أو أن استخدام الاحتمالات هو دليل على معرفة ناقصة أو أن إدخال الصدفة في العلم يؤذن بانتهاء الحتمية

، [1]

 

و عليه فإن تشكيل ملكة المنهجية العلمية هو مطلب سابق لكل مهارة نريد تشكيلها و إلا فإن الأحاديث تصير هزيلة و الفكر غير مترابط و هذا ينتج عقلاً مشوشاً يمكن أن يقع ضحية الخزعبلات العلمية، و يجب أن لا يقتصر تشكيل هذه الملكة على المختص في البحث العلمي و الفلاسفة و حسب، بل يجب إشاعتها بين الناس من أجل الانسجام بينهم في كل مرافق الحياة، هذه المنهجية هي آلية يحملها المنطق، فالمناطقة لا يتعلمون المنطق أو يعلمونه للناس، بل كل ما يفعلونه هو وضع هذه الحدوس المنطقية و تلك الفطرية بضوء الإيضاح لإبراز قواعدها التي إذا ما شذ عنها فكر ما بدافع من رغباته أو مسايرة لمشاعره نعيده إلى تلك القواعد . [2] فالوعي لا يخطئ إذا أحكمت مدركاته و كانت مبنية على احساسات حقيقية لا وهمية، أما إذا قُدمت للإدراك إحساسات وهمية فإن الوعي الذي ينتج عنها يتعرض للانقطاعات السببية و المنطقية و لا يصمد أمام العقل العلمي المنطقي لينتج تفكير يمكن تسميته باللاوعي و ما ينتج عنه من غيبيات و مفاهيم صبيانية مضحكة كما كان و ما يزال يفعل المنجمون بمواضعاتهم التي قرروها على الأفلاك كعقول مفكرة بسبب الصابئة الذين عز عليهم ترك عبادة النجوم، و أساس هذا الإشكال هو عدم القدرة على فهم بداهات علم الفلك منذ البابليين حين رصدوا النجوم كواقع محسوس و لم يستطيعوا أن يحولوه إلى مدرك بمفاهيم تحدد بديهياته فظل حتى كوبرنيكوس الوعي بالفلك لا وعياً إن صح التعبير، [3]فإدراك متخيل بدون منطق منهجي يتحول إلى لاوعي بالمعرفة الموضوعية، لذلك ليس من النادر أن نسمع من يقول بأن الميكانيك الكمومي يتعلق بمنطق خاص به و ذلك بالصورة نفسها التي نجد معها بأن النسبية تتعلق بنشوء هندسة جديدة، و هذا خطأ ببساطة ذلك أن الميكانيك الكمومي يستخدم الرياضيات المألوفة التي تتعلق بالمنطق المألوف لتقدم حقائق غير مألوفة منطقياً بالمعنى الكلاسيكي الجمودي حيث ينشأ الخلط عن أننا نفهم التشابه الشكلي القائم بين القضايا المنطقية فهماً حرفياً

. [4]

 

 

لهذا السبب نجد أنه من المفهوم تماماً الاهتمام الفلسفي لدى كبار العلماء و الفيزيائيين حيث كتب أينشتاين في سنواته الأخيرة بأن العلم بدون نظرية للمعرفة هو منهج بدائي مشوش، كما أسس و هو شاب مع عدد من زملائه الأكاديمية الأولمبية التي تعتبر مجموعة عمل غير رسمية كرست نفسها لدراسة الفلسفة، كما كان شرودنجر قبل عدة سنوات من طرحه لمعادلته المشهورة المخالفة لقانون الثالث المرفوع المنطقي قد قرر ترك الفيزياء لدراسة الفلسفة كما تحدث بلانك في كتابه فلسفة الفيزياء عن الحتمية و الإرادة الحرة [5]و هو قريب مما تناوله مجموعة كبيرة من العلماء الكبار في أبحاثهم النظرية كهايزنبرغ و فاينمان و هوكنغ .

 

 

هكذا تبدو العلاقة الجدلية بين رغبة الفكر البشري بالفهم عبر كسر حدوده التقليدية بثوراته الفكرية العاصفة، وبين لجم تلك الثورات و إبعادها عن جموحها إلى الخيال بإعادة منهجتها وفق أسس جديدة لا بد و أن تُكسر لتفسح المجال لمنهجية أخرى و هكذا عبر الجدلية التاريخية بين الذات و العالم .

 

 

 

لذلك تبدو المبادئ المنطقية منذ أرسطو لا تنفصل عن الواقع الموضوعي المادي للعلوم الطبيعية، فأرسطو استطاع أن يؤسس منطق منهجي ذو طابع وجودي موضوعي خلافاً لما يقال عن أنه يرتبط بالمنطق الصوري العقلي فقط، فأحد مبادئ الفكر عند أرسطو الممثل بقانون عدم التناقض نجده في صيغته الأنطولوجية، يقوم مقام قانون أسمى للوجود ذاته حيث يقول أرسطو " يمتنع أن يكون الشيء الواحد نفسه و غير نفسه في الوقت عينه و من الجهة الواحدة نفسها " حيث نجد أن هذا القانون ليس مبدأ للفكر وحده كما هو الحال في المنطق الصوري، بل هو عنده بالمحل الأول مبدأ الوجود ذاته و هو قانون الحقيقة أيضاً، و الأمر نفسه بخصوص قانون الثالث المرفوع الذي يعتبر قانون وجودي لا صوري فإما الوجود أو اللاوجود و لا يوجد بين ذلك حد وسط على الإطلاق . [6]

 

 

 

هذا هو المنطق الحقيقي الذي بدأه أرسطو بشكل منهجي، و هو منطق يعالج البراهين و الاستدلالات و أحد أغراضه الرئيسية هو تزويدنا بالمناهج التي تمكننا من التمييز بين ما هو صحيح منطقياً و ما هو فاسد، و بذلك نجد أن المنطق يعنى بالبراهين و يتألف البرهان من أكثر من مجرد قضية، فهو يتألف من نتيجة مصحوبة بالبينة المؤيدة دون أن يهمنا من يقدم البينة، فالمنطق لا يُعنى بالقوة الإقناعية للبراهين، ذلك أن البراهين غير الصحيحة منطقياً غالباً ما تكون مقنعة بينما البراهين الخالية من الأخطاء المنطقية غالباً ما تفشل في الإقناع، كما يعنى المنطق بالعلاقة الموضوعية بين البينة و النتيجة، فمن المنطقي أن يكون البرهان صحيحاً حتى و إن لم يره أحد كفيزياء الكم، كذلك من الممكن أن يكون غير صحيح منطقياً حتى و إن قبله الجميع ( الفيزياء الكلاسيكية حتى أواخر القرن التاسع عشر ) و من هنا نرى بأن المنطق يبحث في العلاقة بين المقدمات و النتيجة و ليس في صدق المقدمات .[7] و هو يٌعنى بالدرجة الأولى بصحة البراهين و ليس بصدق أو كذب المقدمات أو النتائج حيث تسمى البراهين الاستنباطية السليمة براهين صحيحة، فصحة برهان من البراهين الاستنباطية يتوقف فقط على العلاقة بين المقدمات و النتيجة، و قولنا بأن برهان استنباطي صحيح يعني بأن المقدمات مرتبطة بالنتيجة بحيث أن النتيجة لا بد أن تكون صادقة إذا ما كانت المقدمات صادقة و من المستحيل على أي برهان استنباطي صحيح أن تكون له مقدمات صادقة و نتيجة كاذبة . [8]

 

 

 

و تشكل المعاني جوهر التفكير المنطقي، فالعقل لا يمكنه أن يؤلف الأحكام و الأقيسة إلا بالاستناد إليها، فإذا حكمت بأن كل إنسان فان، لم تدرك لقولي معنى إلا إذا فهمت معنى إنسان و معنى كلمة فاني، و نحن ندل على المعاني بالألفاظ و الحدود، و الألفاظ هي أدوات التعبير عن الأفكار فلا يمكن ضبط قوانين الفكر و لا تطبيق هذه القوانين لمعرفة الصحيح من الفاسد إلا بعد دراسة الأساليب اللغوية و معرفة أنواع الألفاظ، و دراسة هذه الألفاظ و الحدود تؤدي بالنتيجة إلى دراسة المعاني، هذا على الرغم من أن دراسة الألفاظ لا يجعل من المنطق فرعاً من فروع علم اللغة، لأن صحة التفكير و فساده يتوقفان في النهاية على صحة المعاني أو فسادها، فالمنطق يعني أولاً بالمعاني ثم يعني ثانياً بالألفاظ و الحدود من حيث دلالتها عن المعاني .[9] حيث يمكننا اعتباره آلية منهجية للتفكير و ليس جوهر التفكير ذاته، و من هنا نرى المشروعية بمحاولات تجديد و تثوير أطر المنطق المألوف في الثورات العلمية التي تخبرنا بأن المنطق يستطيع التمييز بين التفكير الصحيح و الخاطئ ضمن العمليات التي يقدمها له العقل و لكنه لا يعطي العقل معطياته.

 

هكذا يبدو لنا أن المنطق هو علم قوانين الفكر أي هو فرع من فروع المعرفة تتناول بالدراسة المبادئ الضرورية و القواعد اليقينية التي لا بد من توافرها في كل تفكير حتى يكون متسقاً و خالياً من التناقض كقوانين التفكير الكلاسيكية - الهوية - الذي ينص على استحالة صدق المتناقضين معاً في نفس الوقت، و عدم التناقض الذي ينص على استحالة أن يكذب النقيضين في نفس الوقت .[10] و بالتالي فإن ما يهم المنطق هو صلاحية المقدمات في مدى انسجامها مع النتائج, هذا ما يعني المنطق الكلاسيكي. و لكن مع تطور الفكر العلمي و تثويره لمنهجية الفكر أصبح للمنطق الحديث تصور يقوم على صحة المفاهيم عبر تداخلات الاحتمال و الإمكان و الصدفة و الضرورة بشكل ايجابي .

 

و من هنا تأتي الرابطة الجدلية بين الفكر العلمي و المنطق على اعتبار أن منهج البحث العلمي هو الطريقة التي تحاول أن تشير عليها كل معرفة بعدية في أي حقل من حقول العلوم المختلفة، فهذا المنهج أو الطريقة التي يتبعها العقل الإنساني للفهم في أي حقل معرفي ينبع من المنطق و يستند على القدرة الإنسانية التي تتميز بالفهم السببي للأشياء، و استناد الفكر العلمي في البحث في كل مناهجه على المنطق و استناد المنطق على الحس العام و طبيعته التي لا تستوعب إلا رموز الأمور هو أساس المنطق الرياضي عند رسل مثلاً حتى قال أينشتاين بأن كل ما في العلم لا يزيد عن كونه تمحيصاً لطرق التفكير اليومية المعاشة . و بالمقابل فإن المنطق التطبيقي يتبع في نموه العلم الحديث فيتكامل معه و يشاركه في الخطأ و الصواب و يحلل طرقه و يزنها في ميزان العقل، كما يتكامل العلم معه كونه يكشف له بالتحليل عن طرقه و مناهجه و مبادئه ووسائله و غاياته و يعين حدود كل علم بالنسبة للآخر .[11]. هذا على الرغم من التمايز بين النموذجين الذي عبر عنه فاينمان قائل بأن العلم يعود فقط إلى القول بما هو أرجح أو أقل احتمالاً و ليس إلى إثبات ما هو ممكن و ما هو مستحيل . و لعل هذا التمايز هو محور إشكالية علاقة المنطق مع الثورات العلمية المتتالية عبر التاريخ و هو ما سنحاول دراسته خلال تتبعنا لدراسة العلاقة بين المنطق و الفكر العلمي

 

 

المنطق و الثورات العلمية : لقد انطلق منطق أرسطو الكلاسيكي و من بعده فلاسفة العصور الوسطى من تصور موضوعي لعلاقة المعرفة المنطقية للعالم حين قسموا الموجودات إلى الضروري الوجود و الممكن الوجود و الممتنع الوجود، لكن في العصور الحديثة الأمر يختلف حيث يدخل العامل الذاتي في التصور المنطقي للعالم فجاء فيلسوف ككانط ليقول بتلك الوجهة مستبقاً تصورات الفيزياء الحديثة مميزاً بين ما هو قطعي كقولي أ لا بد أن تكون ب، و ما هو تقريري كقولنا أ هي ب، وما هو إشكالي كقولنا أ قد تكون ب,[12] و من هنا تظهر أهمية الإشكالات العلمية في تطور مفاهيم المنطق بالانطلاق من مفاهيه تحديداً حيث كان في رأي أكثر الفلاسفة أن مبادئ العقلانية محصورة بشروط المنطق، في حين نجد كما يقول باشلار أن شروط المنطق المسلّم بها من قبل كل فلسفة و المندرجة بقواعد النحو بالذات لا تقوم بأي فعل إيجابي خاص في تطور المعرفة العلمية فيستوجب علينا القيام بمجازفات أكثر إذا ما أردنا العثور على تحولات في العقلية العلمية .[13] لذلك نجد مثلاً أن التعايش مع مفارقات ميكانيك الكم يستوجب التعود أكثر من محاولات التأطير المنطقي المألوف لأنها ببساطة تعارض كل تصور منطقي مألوف لدرجة أننا قد نحتاج معها لعادات جديدة مع مفاهيم جديدة لبناء منطق جديد على اعتبار أن معظم الفيزيائيون الذين نعموا بنجاحات ميكانيك الكم أصبحوا يعايشون ببساطة مفارقاته المنطقية لأمر الذي امتد للعلوم الأخرى لدرجة دفعت العالم الرياضي الهنغاري جون نيومان للقول بأنه ليس من الضروري فهم الأشياء في الرياضيات بل جل ما يطلب منا هو التعود على تلك الأشياء و حسب .[14] فالاختراع الإبداعي في العلم لا يكترث دائماً بقواعد المنطق، إنه يجري في الاختلاط و التناقض، فالمخترع المبدع مجنون يطلب الحكمة حيث يحيا في التناقض و الفوضى كما يحيا الطبيب المبدع وسط الجراثيم و الأمراض بغية إنقاذنا منها و كل ما هو عنده كثرة متسقة إنما تفرضها عليه المادة التي يعمل فيها من أجل صنع عالم أكثر اتصافاً بصفة المنطق . [15] 

 

و من ذلك المنطلق تغير وجه المنطق على يد الثورات العلمية، و قد نال هذا التغير حتى طريقة تعامل الفكر المنطقي مع الأشياء حيث كانت غاية المنطق الأساسية بالإضافة لعرض طريقة التفكير الصحيح هو تعريف و توضيح المعاني ، و لتوضيح ذلك نقول أن التوضيح في المنطق مر عبر تاريخه في تيارين كلاسيكي و حديث الأول هو ما يمكن تسميته بالتعريف الشيئي الواقعي الذي يتناول التعريف المادي للعالم و هو ينصب على جوهر الشيء المعرف و ليس على توضيح لفظ غامض بلفظ آخر أقل غموضاً، وقد كان هذا النوع من التعريف يشكل هدف الفلاسفة و المناطقة على مر العصور، فمثلاً تعريف الذرة يكون بتوضيح ماهية الذرة و جوهرها و هذا ما تابعه الكثير من الفلاسفة و المناطقة، أما التيار الثاني فيسمى بالتعريف اللفظي و هو التصور الحديث للتعريف الذي يؤكد بأن التعريف هو دائماً تقرير عن اللفظ نفسه و ليس تفسير لجوهر الأشياء فلو سألني سائل أن أقدم تعريفا للذرة تكون مهمتي هي تقديم ما يراه العلماء و الناس بهذا اللفظ و لا شأن لي بطبيعة الذرة أو الإنسان أو الثعلب … و جوهرهما و إلا دخلت نفسي في علوم اختصاصية لا علاقة لها بالمنطق حيث يبدو التعريف هنا بمثابة توضيح الطريقة التي تستعمل فيها كلمة من الكلمات في اللغة دون أن يبحث عن الجوهر المفروض على الأشياء بحكم طبائعها بل هو يبحث في معنى اللفظ المفروض علينا بحكم ما تواضعنا عليه في طريقة استعمالنا للغة في التفاهم و هذا رأي فلاسفة الفيزياء و الوضعيون المناطقة و رسل و بلانك ., و قد أخذ بذا التصور الفيلسوف العلمي برونشفيك عندما قال بأن التفكير الفيزيائي هو بالدرجة الأولى تفكير في العلاقات لا تفكير بالجواهر أي هو تفكير و تفسير لعلاقات الأشياء لا جوهرها من حيث هي شيء في ذاته و هذا هو الأمر الذي يفسر تزايد أهمية الدور الذي تلعبه الرياضيات في الفكر العلمي المعاصر [16]

و هذا الانتقال من البحث في الجوهر إلى تفسير الموجود يمهد لنا الدخول في توضيح العلاقة التاريخية بين المفاهيم المنطقية في البحث العلمي و بين طرقه المنهجية ممثلة في موضوع القياس الكمي الاستقرائي و الاستنتاجي

 

إن الهدف الأول للعلم التجريبي هو الاضطلاع على الظواهر ووصفها و تصنيفها و تحليلها و الانتقال من التعميم البسيط إلى التعميم المنظم و إرجاع كثرة الحوادث إلى وحدة الفكرة و تأليف الأنواع و الأجناس و إظهار وجوه الشبه و الاختلاف بينهما ثم تعريف هذه الأنواع و الأجناس و تحديد صفاتها العامة الثابتة،

 

و الهدف الثاني لهذه العلوم هو الاستقراء و البحث عن العلاقات الدائمة و النسب الثابتة المحيطة بالأشياء ضمن ما يسمى بالقوانين العامة للطبيعة التي تفسر ظواهر الطبيعة،

 

ثم المرحلة الثالثة و هي مرحلة الاستنتاج و التركيب و هي مرحلة الكشف عن النظريات العامة المحيطة بالقوانين الخاصة،

 

 

فكأن النظريات العامة موضوعات أو فرضيات، و كأن القوانين المعلومة هي نتاج لها، و يطلق العلماء و المناطقة على هذه النظريات العامة اسم المبادئ لأنه يمكن استنتاج القوانين العلمية منها كما نستخرج النتائج من المقدمات، بحيث إذا وضعت لزمت عنها تلك القوانين اضطراراً، و كما أن العلماء يضعون في هذه المرحلة نظريات كبرى يوضحون بها طبيعة المادة و القوة و الحياة و تطور الكائنات فإنهم يتعمقون كذلك في تعليل الحوادث بحيث يجمعون القوانين العلمية بعضها إلى بعض و يؤلفون منها نظريات كبرى انطلاقاً من اعتقادهم بأن العالم وحدة متكاملة منتظمة أو جملة استنتاجية واحدة متصلة الحلقات [17], و من الذائع و المشهور أن قوة العلم تكمن في قدرته على إقامة فروض بعيدة المدى عن الطبيعة مبنية على أساس البينة موضع الملاحظة . و بالتحليل المنطقي نجد أنه خلافاً للصياغات التجريبية فإن الصياغات النظرية لا تدخل أثر الملاحظ، و لنقل بصورة أكثر دقة بأنه على حين أن التأويل الصارم لصياغة نظرية يكون بالضرورة موضوعياً ( أي يصطلح بمفاهيم فيزيائية مثلاً ) فإن الفيزياء التجريبية تستدعي إعادة تأويل براغماتي لكل صياغة، حيث يقوم تأويل مدرسة كوبنهاجن مثلاً على الخلط بين مفاهيم تجريبية و نظرية، و الواقع أن المفاهيم التجريبية تُنشأ بالاعتماد على مثيلاتها النظرية و بالتالي فإنها أكثر منها تعقيداً . [18]

و من تلك العلاقة بين النظرية و التجربة بنى أرسطو منطقة القائم على أساس المقولات العشر، فلكل قضية أو أمر واقعي مقولات يقال بناء عليها و لا يخرج عنها حيث له كيان ( جوهر ) و يظهر ب ( كم ) و معنى يحدده ( كيف ) في ( زمان ) محدد و ( مكان ) معين حسب ( وضع ) ما ( يضاف إليه ) و ينقص منه أشياء هي ( الملك ) له و بناء عليه ( يفعل ) و ( ينفعل ) أي يتفاعل مع العالم، تلك المقولات تمثل جوهر الفكر المنطقي للأشياء و الفكر العلمي إما أن ينطلق منها لنقدها أو لتوضيحها و لكن لا يمكن أن يتجاهلها بتاتاً . كما لا يمكنه تجاهل وضع ذلك المنطق أسس البحث الاستقرائي و الاستنتاجي خلافاً لما هو متعارفاً عليه عن المنطق الصوري حيث يفرق أرسطو بين الأحكام التي يتم بها الوصول إلى النتيجة بدءاً من الكلي نحو الجزئي، و بين الأحكام التي يتم بها الوصول إلى النتيجة بدءاً من المفرد، الأول استنتاج استنباطي و الثاني استقراء، لكن أرسطو حين يقارن بين الطريقتين يقول بأن الأول أكثر اتساقاً و أكثر مطابقة للنظام الموضوعي للأشياء في حين أن الاستقراء أقرب إلينا و رغم أنه أقل اتساقاً إلا أنه أكثر وضوحاً و عينية . [19] هذا المنهج تبناه ديكارت و لكن بانحياز كامل للتصور الاستنتاجي العقلي الصوري أيضاً في بعض الأحيان حيث اعتبر الاستنتاج الاستنباطي وحده منهجاً علمياً دقيقاً لتفسير الواقع حيث يقدم وحده الحقائق اليقينية التي لا ريب فيها أما الفروض المحصول عليها وفق المنهج الاستقرائي مشكوك فيها و ليست يقينية . لذلك أخذ لواء المعرفة العقلانية في المنطق و منهج العلوم فقال " لا يكفي أن يكون العقل جيداً، بل يجب أن يحسن الإنسان تطبيقه " فإذا كانت العلوم الطبيعية قد قصرت في القرون الوسطى من بلوغ غايتها فمرد ذلك إلى الطرق الفاسدة التي سلكها العلماء و ليس سبب ذلك فقدان عبقريتهم أو نقص تفكيرهم [20]_ هذا ينطبق على كل عصر و كل فكر _ كما وضع ديكارت أولية مفاهيم أساسية تساعد للوصول لليقين أولها قاعدة البداهة التي تنص على أنه يجب ألا أقبل شيء على الإطلاق على أنه حق ما لم يثبت لي بالبداهة أنه كذلك، ثم قاعدة التحليل التي تقول أنه ينبغي علي أن أقسم كل مشكلة من المشكلات إلى عدد من الأقسام اللازمة لحلها على أحسن وجه، ثم قاعدة التركيب المنطلقة من أنه ينبغي أن أرتب أفكاري في نظام بحيث أبدأ من الأشياء السهلة و البسيطة ثم أنتقل منها بالتدريج إلى الأشياء المركبة، و أخيراً قاعدة الاستقصاء أي أنه يجب علي أن أقوم بإحصاءات شاملة و مراجعات عامة تجعلني على يقين بأني لم أهمل شيء [21]

و بالتقابل مع ديكارت نجد بيكون الذي تبنى الطريق الاستقرائي في منطق العلم حيث تحدث عن منهج علمي استقرائي يهدي للطريق القويم نحو الحقيقة و هو يذهب إلى أن المنطق يجب أن يصير منطق الاكتشافات العلمية و الاختراع و يجب أن يكون وسيلة تخدم تلك الغاية و تسمح بتحقيق الاكتشافات العلمية على نحو نسقي و تلقائي دون جهود عقلية ضخمة و هذا يتم أولاً بالاستقراء، على اعتبار أن العلم يجب أن يبدأ أولاً من المعطيات الحسية و الوقائع المنعزلة [22] هذا الاستقراء الذي حدد أنواعه جون ستيوارت مل بعدة طرق

أولها طريقة الاتفاق أو التلازم في الوقوع التي تنص على أن العلة و المعلول متلازمان في الوقوع، فإذا وجدت العلة وجد المعلول، أي إذا كان هناك ظاهرة تتفق حالتان أو أكثر من حالتها في أمر واحد، كان هذا الأمر المشترك بينهما هو علة حدوث تلك الظاهرة، فإذا كان ب مسبوقاً تارة بالشروط ( أ ب ج ) و تارة أخرى بالشروط ( أ د ه ) لاستنتجنا بأن أ علة ب لأنه اشترك في الحالتين المتقدمتين فمثلاً حرارة مع حديد يؤدي لتمدد الحديد، و حرارة مع نحاس تؤدي لتمدد النحاس، مما يؤدي للاستنتاج بأن الحرارة تمدد المعادن، و قد أخذ على هذه الطريقة بأنها لا تختلف عن الاستقراء العامي العفوي الذي يوقعنا بأخطاء تسمى بسفسطة التتابع كالحكم بأن أحد الأمرين علة للآخر لحدوثهما معاً، فإن أصيبت سيارة أحد الناس بالحادث نفسه عدة مرات و كان في كل مرة بصحبة أحد أصدقائه استنتج العامي من ذلك أن وجود هذا الصديق هو علة لذلك الحادث .

و الطريقة الثانية هي طريقة الاختلاف أو التلازم في التخلف و هي طريقة تقوم على عكس الطريقة السابقة حيث أن غياب العلة يوجب غياب المعلول معها، أي لنبحث عن العلة بطريقة الاختلاف ندرس حالتين تقع الظاهرة في أحدهما و لا تقع في الأخرى ثم نحلل جميع ظروفها، فإذا رأينا أنهما متفقتان في كل شئ و مختلفتان بشيء واحد و كان هذا الشيء موجوداً في الحالة التي وقعت فيها الظاهرة و غير موجود في الأخرى استنتجنا بأن هذا الأمر علة الظاهرة المذكورة أي أننا في الحالة الأولى نجد أن أ + ب + ج = د و في الحالة الثانية نجد أن ب + ج = 0 نستنتج بأن أ هي علة د .

و الطريقة الثالثة هي طريقة البواقي و تنص على أن علة الشيء لا تكون في الوقت نفسه علة لشيء آخر مختلف عنه، فإن كان لعلتين معلولان مختلفان و كنا نعرف أن إحدى العلتين علة أحد المعلولين، لاستنتجنا بذلك أنه من المرجح أن تكون العلة الثانية علة المعلول الثاني، فإذا كانت الحادثة ( أ ب ج ) ناتجة عن الحادثة ( د ه و ) و كنا نعرف بأن أ علة د و ب علة ه فإن الشرط الباقي يكون بأن نستنتج بأن علة ج هو و

و الطريقة الرابعة هي طريقة التلازم في التغيير التي تقول أنه إذا وجد بين ظاهرتين أو حادثتين تلازم ما، فإنه يجب أن يكون كل تغير في أحدهما يقابله تغير مواز له في الثانية عندها نستنتج بأن الأولى علة للثانية، أي إذا ترافق ازدياد في أ ازدياد في ب، و نقص في أ نقص في ب يكون أ علة ب [23]

و ذلك التصور المنهجي نجده ساد عند علماء القرن التاسع عشر و منهم هرشل الذي تبنى طريقة الاستقراء في البحث العلمي عندما أعلن بأن مهمة العلوم هي البحث عن الروابط العلمية و تقريرها و لإنجاز ذلك يقترح اتباع عدةّ قواعد أولها عدم قابلية العلاقة للتغيير بين العلة و المعلول، و تلازم غياب المعلول و غياب العلة، و تغير المعلول زيادة و نقصاناً بنسبة تغير العلة، و التناسب بين العلة و المعلول في كل مرة يظهر فيها المعلول مباشرة دون عائق، و إلغاء المعلول مع إلغاء العلة .[24] و بذلك لم يخرج العلماء في تلك الفترة عن الإطار المنهجي الاستقرائي للمدرسة التجريبية . و لعل منهجية بيكون التجريبية الصارمة أوقعته بخطأ منهجي قائم على أساس استبعاد الرياضيات من الفيزياء حيث وقف ضد تطبيق المنهج الرياضي في البحث العلمي معتقداً أن العلم الفيزيائي يبحث في الكيفيات أما الرياضيات فتبحث في الكميات دون أن يستوعب العلاقة الجدلية المنطقية بين الكم و الكيف في العلم و حتى في المنطق الكلاسيكي لذلك رأى أنه من الخطأ معالجة الظواهر العلمية بواسطة المعادلات الرياضية، و هذا رأي يثبت تطور العلم اليومي مدى خطأه .

من تلك الإشكالية المنطقية في فلسفة العلم جاء الفيلسوف الكبير كانط ليسلم بوظيفتين للعقل النظري، أولها يقوم بإجراء العمليات العقلية على معطيات الإدراك الحسي و ثانيها يدرس ما لا ينتمي للإدراك الحسي و هو العالم القابل للتعقل، حيث يذهب كانط إلى أن العمليات التي يجريها العقل على معطيات التجربة الحسية هي وحدها التي تمتلك قيمة معرفية، و حينما يبدأ العقل الإنساني بالحكم على ما يخرج عن إطار التجربة الحسية فإنه يسقط لا محالة في الأغاليط و يقع فريسة تناقضات لا حل لها و يقيم هيكل نظريات ميتافيزيقية و علمية كاذبة تخلو من أي قيمة معرفية .[25] لذلك يقول في نقد العقل المحض بأن القدر الفريد للعقل البشري في قسم من معارفه هو أن يرزح تحت عبء عدد من المسائل التي يعجز عن اجتنابها لأنها مسائل مفروضة عليه من جهة طبيعتها ذاتها، لكن العقل غير قادر على إيجاد حل لها لأنها تتجاوز نطاقه تجاوزاً تاماً حيث يؤكد هذا النص على عجز العقل المحض عن المعرفة النظرية المطلقة التي يدعيها العقلانيون، و رغم ذلك تبنى كانط منهجاً قبلياً عقلياً في تعامله مع الفهم العلمي للعالم متأثراً بالآراء المنطقية للمدرسة التجريبية ممثلة بفيزياء نيوتن، حيث تحدث عن مقولتين عامتين و ضروريتين في كل إدراك حسي هما المكان و الزمان، على اعتبار أن تصور المكان هو شرط ضروري في إمكان حدوث الظواهر بالنسبة إليه حيث يغدو المكان مقولة قبلية تنتظم من خلالها العلاقات بين الظواهر و يترتب بعضها بالنسبة إلى بعض، كذلك الزمان الذي هو لا يؤخذ من التصورات التي يمكن أخذها بالاختبار الحسي بدليل أن التزامن و التعاقب ليسا من الأمور التي تقع تحت الاختبار الحسي و إنما هي أساس لكل إدراك حسي، فالزمان أيضاً هو صورة قبلية لمعطيات الحدس الحسي كله ,[26] مقولات لم تلبث الفيزياء الحديثة ممثلة بنسبية آينشتاين أن ثورتها و قلبتها تماماً بتقديم نموذج زمكاني يصبح فيه المكان الزمان جزءاً من العالم الديناميكي و ليس وعاءُ له .

 

من ذلك العرض التاريخي نستنتج أنه من صفات النظريات و المبادئ هو تبدلها السريع الأمر الذي دعا البعض للقول بإفلاس العلم، فقالوا أنه إذا كانت النظريات العلمية تتبدل بسرعة فكيف نثق بها و نعتمد عليها، و قد أجاب بوانكاريه على ذلك بقوله أن تبدل النظريات لا يولد إلا ارتياباً سطحياً، و صحيح أن كل نظرية زائلة و لكنها رغم سرعة تبدلها فإنها تترك ورائها بعض الحقائق و نحن نجمع هذه الحقائق و نضمها إلى العلم، فكل نظرية تكشف لنا عن بعض العلاقات المنطقية و إن زالت تلك النظرية بقيت تلك العلاقات ضمن حظيرة العلم و بالتالي فإن العلاقات لا تتغير بل الذي يتغير هو اللغة التي نعبر بها عنها، ذلك أن النظريات و المبادئ لا تطلعنا على العلاقات الخارجية و حسب بل تساعدنا على النفوذ إلى باطن الوجود، أما التعليل الاستنتاجي فيرجع تلك القوانين إلى المبادئ العامة و يجعلها نتائج ضرورية لها بحيث تصبح مشتملة على العلاقات الضرورية الناشئة عن طبائع الأشياء، و هذا يدل على أن العلم في جميع مراحله جهد مستمر للكشف عن الهويات الأساسية الكامنة وراء الاختلافات و التغيرات الظاهرة، فلا غرو إذا سلك طريق الاستنتاج و جعل مبادئه و نظرياته متصفة بصفة رياضية محضة، و لا عجب أن يطمح بعض العلماء إلى إيجاد معادلة رياضية واحدة يعبرون بها عن حقيقة الوجود بحيث تكون تلك المعادلة ذات طابع كلي تستخرج منه جميع القوانين العلمية .[27]هذا أمل عام ظل يراود علماء المنطق و الفيزياء منذ بدء التفكير المنهجي في الكون و ما زال مستمراً حتى في ظل الثورات العلمية الحديثة حيث ما زلنا نسمع في العلم نظرية عن كل شيء، لذلك فإن وجود المنهج المنطقي في العلم لا يزال يشكل أساس التفكير في البحث العلمي سواء تعلق الأمر بأدوات التأمل العقلي أم بوسائل القياس الكمي و الاستقراء الذي أكد عليه بقوة و تطرف فيلسوف العلم الوضعي كارناب عندما قال أنه ربما يسلم الفلاسفة بأن كل شيء في العالم الفيزيائي يخضع من حيث المبدأ للقياس، و لكنهم يعتقدون بعدم إمكان ذلك إذا ما تعلق الأمر بالنشاط العقلي حيث يرون أن كل شيء عقلي لا يقبل القياس، و ربما تكون حجة الفيلسوف في ذلك على النحو التالي " من حيث المبدأ لا يمكن قياس شدة الشعور أو شدة الألم التي أتذكر بها حادثاً من حوادث الماضي " و ربما أشعر أن تذكري لحادث ما أكثر قوة من تذكري لحادث آخر، لكني لا أستطيع أن أزعم أن قوة تلك الحادثة تساوي مثلاً 17 درجة بينما الحادث الأخر 25 درجة، و من ثم فإن قياس شدة التذكر مستحيل من حيث المبدأ " حيث يرد كارناب على ذلك بقوله دعنا نفترض أولاً مقدار من الثقل الفيزيائي، و ليكن حجراً نلتقطه و نجد بأنه ثقيل و نقارنه بآخر فنجد أنه أخف منه كثيراً، ثم نفحص الحجرين فلا نرى فيهما أي أعداد أو وحدات منفصلة تمكننا من إحصائها، فالظاهرة نفسها إذاً لا تعني و لا تحتوي على أي شيء عددي و إنما فقط على إحساساتنا الخاصة بالثقل، و ما علينا إلا أن ندخل المفهوم العددي و ذلك عن طريق إقامة إجراء لقياسه، و هذا بالتحديد هو ما نشير إليه بوصفه أعداداً للطبيعة، أما الظواهر نفسها فلا تكشف لنا إلا الكيفيات التي نلاحظها، و من ثم فإن كل شيء يقبل الحصر بعد اختراع أدوات قياسه و بالتالي يصبح كل شيء عددياً .[28]و لكن ذلك لم يكن صحيحاً تماماً عندما تظهر لنا ثورة الكم أننا لن نستطيع قياس سرعة الجسيم و موقعه بوقت واحد و ذلك ليس مرده للآلة و إنما لطبيعة العالم الارتيابية و هذا ما انتقده فيلسوف العلم ماريو يونج عندما صرح بأن نظرية القياس الكمومية التي تعتبر في صورتها الأكثر شيوعاً و كأنها النظرية التي وضعت الملاحظ نفسه في إطار الفيزياء النظرية، لا تملك إذا نظرنا إليها عن قرب أية سمة من سمات الحقيقة و ذلك إلى الدرجة التي يبدو من السخف أن نحاول نقاش أسس الميكانيك الكمومي و دلالاته بالاعتماد على نظرية القياس . [29] تلك النظرية التي ثوّرت أسس المنطق العلمي مما أدى إلى التحدث عن قطيعة ابستمولوجية في العلم قبل و بعد تلك النظرية بما طرحته من إشكالات قديمة حديثة تمس أسس المنطق و قوانينه كمشكلة الحتمية و الارتياب و السببية و هي لعبت الدور الأهم في فلسفة و علم القرن الأخير

 

فمن المعروف أن الاستقراء العلمي يعتمد على مبدأين أساسيين أولهما هو مبدأ السببية التي تنص على أنه إذا تحققت الشروط نفسها في زمانين أو مكانين مختلفين فإن الظواهر نفسها تحدث من جديد في زمان و مكان جديدين، و الثاني هو مبدأ الحتمية الذي أدخل القانون إلى الفهم العلمي الموضوعي للعالم حيث ينص على أن العالم متسق تجري حوادثه وفق نظام دائم لا يشذ عنه شيء و نظام العالم كلي عام لا يشذ عنه في المكان حادث أو ظاهرة أو تغيير، و بالتالي إذا ما توافرت الأسباب ذاتها في الظروف ذاتها ستؤدي حتماً للنتائج ذاتها . [30] و هذا ما عصفت به الفيزياء الحديثة، التي جعلتنا أسرى منهجين متضاربين في تفسير المادة هي الكموم و النسبية، حيث اكتشفنا بدهشة أننا ما زلنا نجهل ماذا نعني بعبارة الواقعية طالما ما زلنا نجهل ماهية المادة فيزيائياً، حيث تتضارب ميكانيكا الكوانتم في الأجسام الدقيقة مع صلة الحقيقة بزمان و مكان رصدها في النسبية فهل هذا يعني أن للجسم عدة تجسدات تاريخية في الوقت نفسه، و ألا يخالف ذلك أبسط قواعد المنطق في مبدأي الهوية و الثالث المرفوع ؟ فهل يمكن للنظريات الفيزيائية خاصة و العلمية عامة أن تحطم المنطق قبل أن نطالبها بنظرية موحدة لكي لا تخرج عن مسارها العلمي المنهجي ؟ إذا أمكن ذلك صار بإمكاننا الكشف عن روابط جديدة بين السبب و النتيجة الفيزيائية على ضوئها يمكننا تعديل بعض مقولات المنطق دون إلغائها، فذلك محال .. [31]

و بداية ينبغي علينا أن نفرق بين اليقيني و الحقيقي في منطق العلم لنتفهم طبيعة العلاقة بين الثورات العلمية و التصور المنطقي للعلم، فكل يقين يؤدي إلى تأكيد أمر ما، فإذا قلنا عن أمر ما بأنه حقيقي يعني أن فيه نصيباً من الدلائل التي يمكن معرفتها، أما إذا كان يقينياً فينبغي على كل دلائله أن تؤكد إمكان معرفته بشكل كامل و مطلق و تجريدي تزيل أقل مجال للشك فيه بغض النظر عن قناعاتنا الشخصية حوله و عنه، فإذا كان العلم الكلاسيكي تبنى البحث عن التصور المنطقي الثاني فإن التصور العلمي الحديث لا يبحث إلا عما هو حقيقي قدر الإمكان فقط .

وقد يبدو أن حال الاستقراء أظهر اتفاقاً بصفة المنطق المعيارية، و لكنها ليست بالحال الوحيدة، فمبدأ الهوية و عدم التناقض عندما ينص على أن ( ما هو هو )نأن أأالاثقلقثصفقث هو دور غامض لا يمكن أن نستمد منه أي تصنيف و يكاد يكون من النافع أن نشير إلى أن هذه الصيغة تدل على أن ما يوجد سيستمر في الوجود، بل إن المسائل الرئيسية بالعلم هي مسألة أن نميز على وجه الدقة ما هي أنواع الوجود التي تتمتع بهذا البقاء، و يرتدي هذا المبدأ معنى واقعي أعظم إذا قلنا بأن الحقيقي مرة هو حقيقي دوماً، فالقضية الحقيقية تبقى كذلك للأبد و كذلك الخاطئة، و لكن هذه الصيغة ذاتها لا تحظى بدلالاتها التامة و صفتها المنطقية إلا إذا عُنينا بقيمتها الإلزامية و أكدنا واجب الفكر في أن يظل متسقاً مع ذاته عبر مراحل المحاكمة .

إذاً بين الحقيقي و اليقيني و الاحتمالي دارت العلاقة المعرفية بين العلم و الفلسفة تلك العلاقة التي و إن اختلفت في منهجية الفهم إلا أنها لا تزال و ستبقى تسلم بإمكانية المعرفة و فهم العالم في مواجهة ريبية ما بعد العلم الحقيقي و وثوقية الفكر الخرافي اللامنهجي حيث يقول هوكنغ " في كون لا نهائي يمكننا أن نعتبر أي نقطة فيه مركزاً له، هذا ما نادت به فيزياء النسبية و هذه هي معانيها كجزء من المعرفة الإنسانية، أما أن نقول بأن المعرفة الإنسانية بحد ذاتها نسبية، فهذا أمر لا يُسمح للنسبية أو لسواها بالبروز لأنها بذلك تلغي إمكان المعرفة، فالنظرية النسبية في الفيزياء القائمة على النظر إلى الفيزياء من خلال أطر معرفية جديدة لا تدعم نسبية المعرفة، بل هي دلالة على بطلانها " [32] و لو أن الباحثين ميزوا دائماً بين التقدم العلمي الذي هو زيادة عدد الحوادث المعروفة و بين التقدم العلمي المعبر عن زيادة الفهم لفازوا منذ زمن بعيد بمعرفة نيّرة لطبيعة العقل، فمثلاً كان اكتشاف ميكلسن تقدماً لأنه كشف النقاب عن حادث غير متوقع، و لكنه كان يسيء إساءة خطيرة إلى الشمول الكلي في قوانين الميكانيك العقلية، و على العكس كان اكتشاف وحدة هوية سقوط الأجسام و الجاذبية ووحدة هوية الكهرباء و المغناطيس تقدماً حققته المعقولية و هو تقدم بريء من المحاذير الملازمة ,[33] و لتوضيح تلك العلاقة الجلية عبر تاريخ المنطق و العلم في إبداع مفاهيمها نبدأ بتقصي فكرة السبب، فإلى جانب مبدأ الهوية و عدم التناقض يمكننا التحدث عن مبدأ أعمق هو مبدأ السبب الكافي الذي لم يميزه الفلاسفة و المناطقة إلا بعد إعمال الفكر و تعمق أسباب المعرفة التي حثها تطور الفكر العلمي نفسه بعد عصر النهضة، و هذا المبدأ يسمى أولاً مبدأ السبب و يصاغ بأنه لكل شيء سبب كاف و لكل كائن سبب لكونه، و ينجم عن ذلك أم كل شيء معقول، حيث يعرب هذا المبدأ في شكله المذكور عن فكرة أساسية في كل مذهب عقلي، و منه انطلق مبادئ العلم باسم مبدأ المعقولية الكونية الذي ينص على أن كل شيء معقول و كل شيء قابل للتفسير و عن ذلك المبدأ انبثق مبدأ السببية و الغائية و الحتمية ,[34] إن نفس الحوادث تتعقب بانتظام نفس الحوادث، و بالأحرى لا توجد حوادث متطابقة بالمعنى الدقيق، و إنما تلي الحوادث المتماثلة دائماً حوادث أخرى متماثلة و في هذا سلفاً صورة مبنية جداً عن دور الهوية و إجلال العقل لها و تقديره لقيمتها العليا بصورة عفوية، غير أن من الواجب أن نرى ما تخفي هذه الظواهر، ذلك أولاً أنه لا شيء يكفل كما يقول كانط دوام هذا التعاقب إلا إذا وجد شيء ما يجعله تعاقباً ضرورياً، لذلك فإن لتركيب السبب و النتيجة إذاً جدارة يتعذر الإعراب عنها بصورة اختبارية و يتألف قوامها من أن النتيجة لا تظهر في أعقاب السبب و حسب، بل من الواجب على السبب أن يضع النتيجة و يستخرجها منه على أنها حصيلته . لذلك كان القانون العلمي في نظر القدماء توافقاً داخلياً ثابتاً و غير متغير، أو هو نمط تحاول الطبيعة أن تحاكيه، و معروف أن هذا لم يعد القانون بالنسبة للعلم الحديث، حيث أصبح القانون هو العلاقة الثابتة بين ظاهرة اليوم و ظاهرة الغد، إنه باختصار معادلة تفاضلية، و بذلك تغدو قوانين الاحتمال نفسها هي قوانين لا تعبر عن الفوضى في الطبيعة بل الدقة في الاحتمال، فإذا كان الاحتمال بالمعنى الدارج العادي يقصد به التعبير غير الدقيق عن اليقين، فإن الاحتمال المس

تخدم في العلم الحديث هو تعبير كامل عن عدم اليقين حيث ينبغي عدم التوحيد بين المحتمل و غير الحقيقي و هذا ما تنص عليه الفيزياء و هذا لا يخالف جوهر المنطق و إن كان يعطيه أبعاداً جديدة بإرغامه على وضع الاحتمال و اللاحتمية ضمن مفاهيمه عن طبيعة المعرفة و طرق العقل [35] مع الأخذ بعين الاعتبار عدم وضع العلم الحديث بالمفهوم المنطقي كموازي أو للريبية القديمة التي سارت جنباً إلى جنب بالتقابل مع أرسطو و منطقه في الأكاديمية بعد أفلاطون فلا يمكننا تصور العلم الحديث امتدادا لتلك المدرسة التي اختلفت عن مذهب أرسطو حيث أن الفكر الأرسطي كان على الرغم من غائيته و صوريته فكراً إيجابياً في وضع مناهج الاستقصاء التي تدخل إلى المنطق و تؤسس المعرفة على أصول ثابتة بالمنهج العلمي لتصل لحقائق معينة بعد كل شك، عكس السلبية الريبية التي تقف أمام الشك لتعلن عجزها عن التعامل معه و تنتهي باستحالة المعرفة حيث تتضح مفاهيم الريبيين الذين لا يحاولون و لا يريدون لريبيتهم أي تعديل . [36]هذا يجعلنا نرى أن العلم المنهجي لا يزال ابستمولوجياً يتبع التيار نفسه منذ منطق أرسطو رغم التغيرات الهائلة التي عصفت به و التي اضطرت بعض الفلاسفة إلى مراجعة الأساس المنطقي لأفكارهم بشكل جذري و كامل لذلك ليس غريباً أن نرى ضمن مفردات منطق أرسطو مفاهيم انتشرت حالياً كالمصادفة . و ما سنحاول توضيحه في الصفحات التالية

 

المصادفة في المنطق و العلم : في الواقع فإن هذا المفهوم لم يتضح بشكله العقلاني الحقيقي قبل أرسطو و إن وجدنا أشكالاً له مع فلاسفة ماديين كديمقريطس الذي اعتبر المصادفة علة لحركة الدوامات الضرورية و هي علة فيزيائية بحته، فالمصادفة عند الذريين الممثلين بديمقريطس و لوكريتس هي عبارة عن عمل آلي لعلل متداخلة بشكل كثيف لدرجة يعجز من خلالها العقل الإنساني عن إدراكها، حيث تغدو المصادفة عندهم ليست احتمال بالمعنى الحديث بل هي ناتجة عن تلقائية تعدد علل غير مدركة، و لكن مع لوكريتس تبلغ المصادفة الموضوعية طابعها المميز، ففي عالم لوكريتس لا يوجد غير أجسام و فراغ، و لولا الفراغ لما أمكن تفسير حركة الأجسام، على أن الأجسام المتحركة هنا و هناك و الفراغ الذي تتحرك فيه يكونون الحقائق جميعها و هذه الأجسام المتدفقة في ذلك الفراغ الكبير إنما تتحرك و تتدافع و تتشابك لا بحسب خطة أو تدبير أو قصد أو غاية، بل في صراع أعمى، و الحياة كلها ليست إلا صراعاً في الظلام، و الوجود نفسه ليس سوى جزئيات من المادة تنصب انصباباً لا ينقطع، و لا تنفك تندفع و تتشابك و تتصارع في المكان و الزمان و تتداخل مساراتها مع بعضها في توزعات عشوائية، و بتشابك تلك المسارات العشوائي و تجمعها يتم خلق الموجودات و الكائنات المادية ,[37] في حين هي عند أرسطو ذات دلالة عملية إنسانية غائية تؤكد التفسير الآلي الذي يأخذ صورة القصد و التدبير، لذلك نجد أرسطو قد رفض المصادفة في الأبدية، حيث لما كانت السماء عنده أبدية فهي ضرورية، و بذلك أقام تعارضاً بين الأبدية و المصادفة فلا شيء عنده فيما يتعلق بالأبدي يمكن أن يكون موضوع للمصادفة أو التلقائية، و هذا ما يفسر الحرب التي شنها بلا هوادة على الذريين لوصفهم المنطقة السماوية بالتلقائية، حيث المصادفة عند أرسطو تتضمن وجوداً متقطعاً بالضرورة أما السماء فهي أبدية، و لكن لا بد من القول أن أرسطو يخصص الضرورة المطلقة لعالم ما فوق القمر السماوي، أما العالم أسفل القمر – العالم المادي - فهو محل للمصادفات و الكون و الفساد حيث مجال الممكن و حيث أن الجواهر المتكونة و الفاسدة ليست ضرورية لأنها يمكن أن تكون بالقوة فهي تارة تكون و تارة أخرى لا تكون . [38] وقد استمر هذا التصور المنطقي الصارم في استبعاد المصادفة في العلم في الفيزياء التقليدية خلال القرنين السابع و الثامن عشر حيث استبعدت المصادفة كموضوع فيزيائي و يبدو أن السبب بالإضافة للتأثير الأرسطي هو سيادة بعض الدلالات التشبيهية و اللاهوتية على مضامين هذه الفيزياء من ناحية، و إلى اقتصار هذه الفيزياء على الحدود الميكانيكية من ناحية أخرى، حيث تعايشت في تلك الفترة العلوم الفيزيائية و الرياضية بهدوء مع ميتافيزياء السببية حيث ارتبط انتشار السببية بشكل أو بآخر بالنموذج العلمي النيوتوني و التصور المنطقي الكانتي و الرؤية الميكانيكية للعالم ,[39] فاتضحت تلك النظرة عند كبار علماء تلك الفترة حيث يقول كلود برنار في معرض تأكيده للحتمية في العلم " لا بد لنا من قبول مسلمة مستندة إلى التجربة و هي أن شروط وجود أية ظاهرة هي محددة بصورة مطلقة في الأجسام الحية و غير الحية، و بتعبير آخر إذا عرفنا شرط حدوث ظاهرة و تحقق هذا الشرط فإن الظاهرة ستحدث دائماً و بالتأكيد وفقاً لرغبة المجرب، و إن إنكار هذه الفكرة ليس إلا إنكار للعلم نفسه، و ليس العلم في الحقيقة إلا ما هو محدد و قابل للتحديد، و لا بد من التسليم بأن الشروط المتطابقة ستؤدي إلى ظواهر متطابقة و إذا اختفت الشروط اختفت الظواهر " [40] كما يؤكد لابلاس أن وراء كل انتظام نراه في الطبيعة سبباً ثابتاً، و لتحديد احتمال تأثير هذا السبب يفترض أولاً أن هذا السبب غير موجود و أن الظاهرة نتجت عن أسباب طارئة و عن أخطاء في الرصد، و يطبق بعد ذلك الطرائق الاحتمالية لنظرية الأخطاء، و هكذا بعد سلسلة طويلة من المشاهدات نستطيع كشف التأثير الصغير جداً لسبب ثابت، و لو كانت الاضطرابات الناتجة عن الأسباب الطارئة تفوق تأثير السبب الثابت نفسه، يمكن القول بأن السلاسل الإحصائية تبدو كأنها معطيات من الأخطاء حول حقيقة ثابتة و يمكن أن تعطي معلومات عن وجود هذه الحقيقة و تدل في النهاية على وجود انتظام، في العالم، وقد اعتبر أن علم الفلك هو المعيار الأساسي الأول للحتمية العلمية كونه ربط الهندسة و الرياضيات بالفكر التجريبي، لذلك فقد وهب للقوانين العلمية صفة الحتمية المتلائمة مع المنطق العام في تلك الفترة، ذلك أن الظواهر الفلكية تتميز بنوع ما من سائر الظواهر الفيزيائية باتصافها الأعظم بالموضوعية و الحتمية، و هذا الأصل الفلكي لمفهوم الحتمية يفسر لنا على ما يبدو إهمال الفلاسفة الطويل للمشكلات المتصلة بالاضطرابات و الأخطاء في دراسة الظواهر الفيزيائية، و على هامش تلك الأخطاء المذكورة ستنهض من خلالها اللاحتمية العلمية فيما بعد، [41] 

و في منتصف القرن التاسع عشر تم الصدام المباشر بين هذه الفيزياء و ظواهر و علاقات في التجربة لا تتفق و هدفها النظري، و بهذا بدأت أزمة الفيزياء التقليدية التي كانت نتيجة لمنهجها المحدود و قوانينها و صياغاتها العاجزة عن استيعاب ظواهر و علاقات فيزيائية جديدة في عالم التجربة الخارجية عندها بدأت المصادفة تدخل في العالم الموضوعي للفيزياء الحديثة ثم بقية العلوم، و دورها الهام في العلم يظهر في أنها أوضحت عن إمكانية الجمع بين المتناقضات في العالم المادي كالطبيعة الموجية و الجسيمية للضوء بوقت واحد، و الواقع أنه بعد تلك الثورة حاول العديد من الفلاسفة توضيح معنى كلمة الضرورة عندما تنطبق على قوانين الطبيعة، حيث ذهب المؤلف الألماني بافن للقول بأن الضرورة هي القوانين الطبيعية في ضرورة منطقية، و لكن كارناب رد على ذلك بالقول أن الضرورة المنطقية إنما تعني الصلاحية المنطقية، فالقضية تكون صحيحة منطقياً فقط إذا لم تقرر أي شيء عن العالم، إنها صادقة فقط عن طريق قيمة المعاني التي تنظمها الحدود، أما قوانين الطبيعة فهي عارضة، ذلك أنه بالنسبة لأي قانون من السهل أن نصف تتابع العمليات التي قد تخالفه دون وقوع في تناقض ذاتي، افترض بأن قانون يقول أن كل المعادن تتمدد بالحرارة و قانون آخر يقول أن المعادن تنكمش بالحرارة، نجد أن ليس ثمة عدم اتساق منطقي في القانون الثاني لأنه من وجهة نظر منطقية خالصة متسق كالأول، لكن الأول مقبول أكثر من الثاني لأنه يصف انتظاماً ملحوظاً للطبيعة .[42] حيث يصبح المنطق مجرد تتابع لفظي صوري للأفكار و هذا ما لا أراه صحيحاً إلا إذا تحدث عن منطق العصور الوسطى الصوري دون منطق أرسطو الاستقرائي .

أما في الفيزياء الحديثة فقد اختلف الأمر حيث لم يعد القانون هو ترابط حتمي بين الظواهر بل أصبح التصور احتمالي فقط، و إمكانية التنبؤ ضمن الاحتمال لم تستبعد تماماً في هذه الفيزياء، فالقابلية للتنبؤ قائمة فيها، إلا أن هذه القابلية للتنبؤ لم تعد مرتبطة بحدود الفردية، و إنما أصبحت ذات مدلول إحصائي تتوقف على مجال الظاهرة و ارتباطاتها، فمصير القابلية للتنبؤ في الفيزياء الحديثة تماماً كمصير الضرورة و العلية و الحتمية لم تتقلقل و لم تغرب عن الفيزياء و إنما اتخذت مدلولاً جديداً غير ميكانيكي، مدلول يرتبط بالمجموع لا بالفرديات و بالواقعات المتفاعلة لا بواقعات جزئية منفردة .[43] لذلك نجد في فيزياء العصر الحالي، على الرغم ما فيها من بنية سببية إلا أن معظم الفيزيائيين و فلاسفة العلم يرفضون نعتها بالحتمية ذلك لأنها كما يقولون تشتمل على قوانين أساسية هي في جوهرها احتمالية و من ثم فإنهم لا يستطيعون إعطاء صياغة تأخذ الشكل " إذا كان لمقادير معينة قيم معينة إذا لكان لمقادير أخرى معينة قيماً معينة و محددة تحديداً دقيقاً، ذلك لأن القانون الاحتمالي الإحصائي إنما يقرر أنه إذا كان لمقادير معينة قيم معينة إذا لكان ثمة توزيع احتمالي لقيم المقادير الأخرى، فإذا كانت بعض القوانين الأساسية للعالم احتمالية هكذا فلا يمكن لأطروحة الحتمية أن تقوم لها قائمة " [44]و بالتالي تتغير الأسس البنيوية للقانون ليخالف منطق العقل التقليدي الاستقرائي بمنطق احتمالي ذو سببية بعيدة و ليست مباشرة للظواهر، فإذا قلنا عن القانون الحتمي بأنه ذلك القانون الذي يقرر أنه تحت شروط معينة تحدث أشياء معينة بحيث أنه ينص دائماً على أنه إذا كان لمقدار معين قيم معينة فإن لمقدار آخر سوف تكون له قيم معينة، و بالتالي فهو يعبر عن علاقة وظيفية بين قيم مقدارين أو أكثر، أما القانون الإحصائي فهو ينص على توزيع احتمالي لقيم مقدار في حالات فردية أو يذكر قيمة متوسط المقدار في فئة حالات متعددة . و إذا كان القانون كلياً فإن المنطق الاستنباطي الأولي يدخل في عملية الاستدلال على الحقائق المجهولة، أما إذا كان القانون إحصائي فعلينا أن نستخدم منطقاً خاصاً و مختلفاً هو منطق الاحتمال، بذلك يتضح لنا الفرق بين النظرة الحديثة و القديمة لطبيعة المادة و قوانينها المنطقية حيث نستعرض قول للعالم فاينمان الذي يقول " قال أحد الفلاسفة أنه لكي يوجد علم يجب دوماً أن تؤدي نفس الأسباب إلى نفس النتائج، و لكن هذا لا يحدث في عالم الصغائر عالم الإلكترون، ففي تجربة تداخل الإلكترون و الضوء لا نعرف في أي ثقب سوف يمر الإلكترون حيث أن نفس الأسباب لا تؤدي بالضرورة إلى نفس النتائج، إننا نهتم بما يحدث أمامنا و بالتالي لا يمكننا منطقياً أن نعرف سلفاً كيف سيحدث الأمر، و غالباً ما يحصل أن الإمكانات الأكثر عقلانية ليست هي التي تحدث فعلاً و المتطلبات اللازمة لتقدم العلم هي القدرة على التجريب و النزاهة في نقل النتائج [45] حيث أن سلوك المادة في عالم الصغائر هو بكل بساطة سلوك مختلف، فالذرة لا تتصرف مثل ثقل ينوس في طرف نابض كما أنها لا تتصرف كنموذج مصغر لمجموعة شمسية ذات كواكب تدور في مسارات صغيرة، و ليس لها مظهر غيمة أو ضباب يحيط بالنواة، إنها لا تشبه أي شيء آخر رأيناه . إنها ببساطة احتمال . و لذلك نجد أنه مع تطور العلم تزداد القضايا الاحتمالية ليس فقط بالنسبة للعلوم الاجتماعية و إنما بالنسبة للفيزياء الحديثة، فلم يعد الاحتمال الإحصائي ضرورياًَ في المجالات التي نجهلها و حسب، إنما أصبح يدخل أيضاً باعتباره عاملاً ضرورياً في المبادئ الأساسية لنظرية الكم و عليه فقد بات من الضروري للعلم الاستعانة بنظريات الاحتمال .[46] و هذا الأمر يصل حتى إلى العلوم البيولوجية حيث كتب فون نيومن رسالة إلى جورج غاموف الذي وضع نظرية لتكون البروتينات تعتمد على استخدام العمليات الاحتمالية قال فيها " أنا أرتعش من فكرة كون عملية عشوائية قد أنتجت مكونات عضوية كالبروتينات التي تسعى إلى هدف بطريقة ناجعة جداً "[47]

 

هكذا دخلت مفاهيم الاحتمال و الصدفة في قلب منطق العلم الحديث بعد أن أوجدها البحث العلمي النظري و التجريبي، و لكن ينبغي التأكيد بأن هذه الفكرة لم تكن غريبة تماماً عن فكر الفلاسفة و العلماء في العصور التقليدية فقد تناولها في فلسفتهم علماء و فلسفة كبار معارضين أو متسامحين معها بشكل أو بآخر و منهم نذكر هيوم، حيث تعتبر المصادفة عنده ليست شيئاً على الإطلاق غير أنها نفي للعلة و أنها تثير في العقل حالة من عدم التميز و التحديد و لا سبيل إلى دراستها إلا في الحالات التي تترابط المصادفات بالعلل حيث يمكن المفاضلة بين المصادفات، لذلك نجد أن هيوم في الواقع لم ينفي العلل كما يشاع عنه، بل إنه حللها نفسياً استنباطياً دون الشك بضرورتها الموضوعية حيث يؤكد بأنه عندما ننظر إلى الأشياء الخارجية و نقدر عمليات العلل لا نكون قادرين في لحظة معينة على أن نكتشف أي قوة أو رابطة ضرورية تربط المعلول بالعلة و تجعل أحدهما نتيجة لا مناص منها عن الآخر، إلا أن تكرار نوع معين من الأمثلة يدفع الذهن في العادة عند ظهور مظهر حادث معين إلى توقع تابعه المعتاد، و إلى الاعتقاد بأنه سوف يوجد، و هذه الرابطة نحسبها في الذهن، وهذا الانتقال المعتاد للمخيلة من موضوع لشيء ما إلى تابعه المعتاد هو الشعور النفسي أو الأثر الذي صاغ منه فكرنا الرابطة الضرورية، و بالتالي فإن هيوم في نقده العلية لم يكن يقصد إلا تحليل دلالتها السيكولوجية، أما العلية كمبدأ منطقي فقد سلم به كشكل ضروري حاسم .[48] و الواضح أن فهم هيوم للاحتمال لا يختلف عن فهمه الذاتي للمصادفة، فالجهل بالعلل هو المسؤول عن الدرجة الدنيا من المعرفة، أي عندما تعجز علة في إيجاد معلول لها لا يعزو الفلاسفة هذا إلى عدم الانتظام في الطبيعة، و إنما يفترضون عللاً خافية قد أعاقت تلك المعلية، و عدم معرفتنا بهذه العلل هو أساس حكمنا بالاحتمال . أما ديكارت فلم ترد في مفاهيمه كلمة المصادفة و الاحتمال بتاتاً و لم يعترف بالفراغ و التأثير عن بعد الذي تبناه نيوتن و استبدلهما بفكرته عن الدوامات، و من الطريف أن نلاحظ أنه لو تغلبت فيزياء ديكارت على فيزياء نيوتن لكان يمكننا أن نبقى حتى الآن جاهلين تفسير بعض الظواهر التي لا يكون بها تأثير متبادل إلا بين عدد محدود من الأجسام مثل حركة الكواكب، و بالمقابل قد نحصل على فهم أعمق لبعض الظواهر مثل الاضطراب المنتشر حيث يشمل التأثير المتبادل عدداً كبيراً من العناصر . [49] كذلك فإن كانط لم يكن في داخل بنائه الذهني المتماسك يسمح بأي حادث لا يتفق مع مبادئه القبلية التي هي شروط التجربة و أساس الضرورة و الكلية، و لهذا فإنه لم يستبعد المصادفة وحدها، و إنما استبعد الطفرة كذلك، فالعالم عند لا يعرف الطفرات حيث يرى بأن الذين يؤمنون بالذرات و الفراغ إنما يتحدثون لا كعلماء بل كميتافيزيقيين غير متبصرين ,[50] و عند العالم كورنو في القرن السابع عشر نجد التجلي الموضوعي الحقيقي لنظريات الاحتمال حيث يعتبر كورنو أول مبشر بالمصادفة الموضوعية الخالصة، باعتبارها لا تتعارض مع الموضوعية و العلية و الضرورة و لا تخرج عن أن تكون مركباً ينشأ من التقاء سلاسل مستقلة من الحوادث المترابطة ترابطاً علياً يقبل التعقل و التفسير و التحليل، لذلك نجد أنه مقابل مصادفات هيوم ذات الطبيعة السيكولوجية لا الموضوعية جاء كورنو ليقدم المصادفة في صورتها الموضوعية، فالمصادفة عنده ليست شبحاً خلقناه نحن لنخفي به جهلنا، و إنما على العكس من ذلك نحن إزاء فكرة واقعية و حقيقية في ذاتها يمكن أن تقام بالبرهان و بشهادة الملاحظة .

و الواقع أنه من وجهة نظر خاصة لا يوجد تناقض بين وجهة نظر حتمية و أخرى احتمالية، و ما يطلق عليه عادة اسم المصادفة محكوم رياضياً بنظرية الاحتمالات، و مهما كانت قيمة هذه المقاربة، فلا بد من معرفة أن مفهوم المصادفة بمعناه الدقيق غير موجود في الرياضيات [51]، و لكن هناك صفتين مميزتين للظواهر الاحتمالية أولهما هو إمكان تكرار التجارب إلى ما لانهاية من حيث المبدأ، و ثانيهما هي استقلال نتيجة كل تجربة عن نتائج التجارب الأخرى، لذلك تم تطوير نظرية توضح أن القوانين الإحصائية تظهر في الجمل التي تتميز ديناميكتها بعدم الاستقرار، و يبدو أن بوانكاريه هو أول من طرح موضوع الربط بين عدم الاستقرار و الإحصاء . فالمصادفة هي محصلة التعقيد و التداخل بين العناصر الكونية، لهذا فلا تعارض بينها و بين العلية أو الضرورة، لأن المصادفة علية و العلية هي مصادفة لأنها لا تتحقق في صورة واحدة من الارتباط بين علة و معلول و إنما هي تشابك و تداخل و تفاعل بين عوامل متعددة و متغايرة أبداً في تطور و تغير دائم، لذلك تغدو المصادفة و العلية صورتان من صور الضرورة لا بمعناها الميكانيكي، بل بالمعنى الذي يدخل في إطاره كل العوامل الممكنة إمكاناً لا حد له و لا نهاية ,[52] لذلك نستنتج مع كارناب بأن القانون حتى و لو كان إحصائيا فإنه يظل مع ذلك تفسيراً و سواء أكانت التفسيرات قوية أو ضعيفة فهي تفسيرات حقيقية، و في حالة عدم معرفة القوانين الكلية تصبح التفسيرات الإحصائية غالباً هي التفسيرات الوحيدة النافعة، و إذا كان للقوانين الإحصائية تلك الأحقية بالوجود، فإن قوانين المنطق الأولية لم تعد تصلح لكل التفسيرات، و السبب في ذلك هو أنها قوانين من نوع مختلف تماماً، ذلك أنه على الرغم من أن قوانين المنطق و الرياضيات البحتة كلية إلا أنها لا تخبرنا عن شيء في العالم، بل تتحدث عن علاقات تنشأ بين تصورات معينة، ليس لأن العالم له البناء كذا و كذا، ولكن فقط لأن التصورات هذه يتم تعريفها بوسائل معينة ,[53] لذلك فإن وصف العملية المنطقية بالموضوعية إنما هو ناتج عن مغالطة الخلط بين الموضوعية و الضرورة، فلما كانت العملية المنطقية تتميز بالضرورة فهي بالتالي تتميز بالموضوعية، و لكن هذا الخلط لا يأتي إلا في إطار المفهوم التقليدي للضرورة و الموضوعية على السواء، و لكن لا سبيل إلى ذلك التصور في المفهوم العلمي الجديد، فالضرورة بالمعنى التقليدي أتم وجود للموضوعية، إلا أن الجديد هو أن المصادفة هي إحدى وجوه الضرورة، لذلك لم تعد الموضوعية تعني الضرورة دون المصادفة، و عليه إذا ما تخلصنا من الفهم التقليدي الميكانيكي و شارفنا الفيزياء الحديثة لوجدنا أن المصادفة تشكل عنصراً مقوماً و مكوناً للموضوعية و الضرورة على السواء .[54] لذلك فإن رغبة العلم الحديث بالاستعاضة عن الفلسفة القديمة الغائية بفلسفة سببية يسوغها التحليل الموضوعي للواقع، على الرغم من النجاحات الكبرى التي حققها يبدو غير قابل للتحقيق و هو يستلزم على الأقل قسمة العالم إلى عالمين، و البديل الوحيد كان تبني تفسير غير أنطولوجي للحتمية، وهذا يمثل تراجعاً خطيراً، و لكن العلم لا يستطيع الاستغناء عن فلسفة مؤثرة و ما زالت السببية تقوم بهذا الدور و لو تنكرت على هيئة حتمية علمية كانت ترجمتها الرياضية سلسلة متواصلة من الإخفاقات، و نظريات الفوضى ليست إلا أحدى الشواهد الكثيرة على أن السببية كغيرها من المبادئ الميتافيزيقية قد بقيت نقية، و اقترانها بالرياضيات على رغم كل ما قيل لم يحدث أبداً [55]

من تلك المنطلقات نرى أن الفكر العلمي الجديد بابستمولوجيته الجديدة يرى الوحدة في المتناقضات و يعرض موضوعاته في إطار الزمان – المكان و يبعث الوضوح في التركيب الابستمولوجي بدل التأمل المنفصل للأشياء المتفاعلة مع بعضها، و هذا ما دفع فيلسوف العلم الشهير باشلار إلى محاولة وضع منطلق منطقي جديد للبحث العلمي وفق المعطيات الأربعة التالية

  1. ليس ثمة عقل ثابت يحكم جميع أنماط معرفتنا، فالعقل نتيجة من نتائج العلم و هو تفكير لاحق غايته الإفصاح عن المناهج العلمية .
  2. ليس ثمة منهج شامل، فالمنهج مثل العقل هو تفكير لاحق انطلاقا من العمل الواقعي للعالم و لا يستطيع إلا أن يكرر ما سبق أن اكتشفه
  3. واقع العلم الذي يكشف عن أن خصوصية العلم تكمن في بناء نموذج رياضي من شأنه التعبير عن الظواهر المشاهدة و استثارة مجموعة جديدة من الظواهر، بل و اكتشاف واقع جديد عن طريق الاختبار.
  4. المفاهيم العلمية، حيث تنشأ صعوبات يواجهها العالم حين يدرس العقل العلمي من الداخل، فيصطدم العالم بالمفاهيم و الصور التي يستمدها من عالمه الثقافي و من حياته اليومية، و إذا كان الأمر كذلك فينبغي أيضاً دراسة أصل هذه المفاهيم التي ستترجم إلى نماذج رياضية معقدة .

 

 

 و عليه نرى أن علماً يصحح أخطاءه باستمرار في مبادئه و أدواته لا نستطيع أن نطلق عليه تسمية فلسفية موحدة، فالعلم المعاصر جدلي، و هو جدلي ليس فقط في دقة مفاهيمه بل أيضاً بالمثال المزدوج لترابطه النظري ودقته الاختبارية . و هذا ما يؤكد لنا في النهاية أن العلم هو تأكيد منهجي لضرورة الفهم، كما أن الفهم هو تأكيد منطقي و عملي لضرورة العلم .

 


[1] يونج – ماريو فلسفة الفيزياء - ترجمة : حافظ الجمالي، منشورات وزارة الثقافة – دمشق 1984 – ص 55

[2] هاني يحيى نصري – المنطق و الابستمولوجيا - منشورات وزارة الثقافة – دمشق 2003 – ص 144

[3] نفس المصدر السابق ص 150

[4] فلسفة الفيزياء - مرجع سابق ص 68

[5] كاكو, ميشو – ترينر، جينيفر - ما بعد أينشتاين – ترجمة : فايز فوق العادة – أكاديما، بيروت ط1 1991ص 67

[6] ماكوفلسكي، الكسندر- تاريخ علم المنطق – ترجمة: نيم علاء الدين، إبراهيم فتحي – دار الفارابي بيروت ,ط1 1987 -ص 103

[7] سلمون، ويزلي - المنطق – ترجمة : جلال محمد موسى- دار لكتب لمصري اللبناني - 1976 -ص2-3-6

[8] نفس المصدر السابق ص32 - 33

[9] د: جميل صليبا – المنطق – منشورات عويدات – بيروت ط2 1967، ص 17

[10]د: محمد مهران - المنطق الصوري - منشورات جامعة دمشق –ص 42، 43

[11] جورج صليبا – المنطق، مصدر سابق ص66

[12]محمد مهران – المنطق الصوري - مصدر سابق، ص 153

[13]د: السيد شعبان حسن – برونشفيك و باشلار بين الفلسفة و العلم - دار التنوير – بيروت، ط1 1993، ص132

[14] ما بعد اينشتاين، مصدر سابق ص 71 

[15] لالاند، أندريه - العقل و المعايير – ترجمة : د: عادل العوا – مطبعة الشركة العربية، 1966, ص 220 و 236

[16] برونشفيك و باشلار - مصدر سابق ص 45

[17] المنطق، صليبا – مرجع سابق ص 219

[18] فلسفة الفيزياء – مصدر سابق ص 125

[19] تاريخ المنطق - مصدر سابق ص 153

[20] المنطق, صليبا – مرجع سابق ص 65

[21] نفس المصدر السابق ص 95

[22] تاريخ المنطق – مصدر سابق ص 337

[23] المنطق، صليبا، مصدر سابق، ص 262إلى 273 بتصرف

[24] تاريخ المنطق، مصدر سابق، ص 454

[25] نفس المصدر السابق، ص 410

[26] برونشفيك و باشلار، مصدر سابق، ص35- 37

[27] المنطق، صليبا، ص 381-382 383-384

[28] كارناب، رودلف - الأسس الفلسفية للفيزياء - ترجمة د: السيد نفادى – دار الثقافة الجديدة، القاهرة، ص 124

[29] فلسفة الفيزياء، مصدر سابق، ص 153

[30] المنطق، صليبا، مصدر سابق ص 288 – 289

[31] المنطق و الابستمولوجيا، مرجع سابق ص 407 - 408

[32] المنطق و الابستمولوجيا – مرجع سابق ص 305

[33] العقل و المعايير – مصدر سابق ,ص 99-100

[34] العقل و المعايير - ص40-41

[35] برونشفيك و باشلار، مصدر سابق، ص48-80

[36] المنطق و الابستمولوجيا – مصدر سابق، ص 372

[37] > : محمود أمين العالم - فلسفة المصادفة – دار المعارف في مصر - - القاهرة ,ص 76

[38] نفس المصدر السابق، ص 69

[39] مجموعة من الكتاب - الفوضى و الحتمية – ترجمة : هاني حداد – منشورات وزارة الثقافة، دمشق، 2002 ص 242

[40] نفس المصدر السابق، ص244

[41] برونشفيك و باشلار – مصدر سابق، ص 173

[42] الأسس الفلسفية للفيزياء، مصدر سابق ,ص 226

[43] فلسفة المصادفة، مصدر سابق، ص307

[44] الأسس الفلسفية للفيزياء – مصدر سابق، ص 248

[45] فاينمان، ريتشارد - طبيعة قوانين الفيزياء – ترجمة : د: أدهم السمان – منشورات وزارة الثقافة، دمشق، 1979ص 151

[46] الأسس الفلسفية للفيزياء، مصدر سابق، ص 52

[47] الفوضى و الحتمية، مصدر سابق، ص 239

[48] فلسفة المصادفة، مصدر سابق، ص 96

[49] الفوضى و الحتمية، مصدر سابق، ص 209

[50] فلسفة المصادفة ، مصدر سابق، ص 100-101

[51] الفوضى و الحتمية – مصدر سابق، ص 17

[52] فلسفة المصادفة- مصدر سابق، ص 192

[53] الأسس الفلسفية للفيزياء – مصدر سابق، ص 21

[54] فلسفة المصادفة – مصدر سابق، ص224

[55] الفوضى و الحتمية- مصدر سابق، ص 258

 

Partager cet article
Repost0